قد لا يبدو معلوما لدى أغلبنا جهود المرأة السعودية في مجال العمل الاجتماعي، وتلك الأسماء التي تركت بصمة، أو لنقل بذلت جهدا مضاعفا في هذا الجانب الإنساني الذي يستهدف الأسر والأفراد المحتاجين بالمساعدة، سواء كانت مادية أو أمنية في حال تعرضت الحالة إلى التعنيف من أي طرف كان، إضافة إلى رعايتها ومتابعتها لذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن والأيتام في المراكز والدور الإيوائية، وإن كن بطبيعة الحال لا يقمن منفردات بتلك الجهود، إلا أن للقائد والموجه دورا كبيرا في حبك وتحمسك للعمل في هذا المجال، الذي يشعرك بإنسانيتك ويحفزك لتقديم الخدمة برضا وسعادة، وهذا الأمر لمسته أنا وأعتقد أن غيري كثيرات، فمتى ما وجدت القدوة الرائعة تهون في دربك كل العراقيل بشرية، محبطة، يحركها الجهل المغلف بضغائن دفينة، يقلق مضجعها نجاح الآخرين، وأخرى تقنية، لا تواكب تطور الآلة وسرعتها، ولعل من العرفان أن نقول لتلك الشخصيات من استحضرناها هنا أو غابت عنا، لقد كان لجهودكن وتضحياتكن الفضل في بروز العمل الاجتماعي النسائي وتفوقه، وإن كانت هناك مجالات يشار لها بالبنان في خدمة أفراد المجتمع، إلا أن العمل الاجتماعي يظل ذروة سنام الأعمال الإنسانية قاطبة، ومن شكك في ذلك فليسمح لنفسه بالتعرف على هذا المجال وجهود المنتسبين إليه، الذين يحتاجون فعلا للإشادة والمساندة، وإن كانت ذريعة البعض أن هذا عملهم، لكن هناك فرق بين من يضحي بوقته وأسرته لأجل أن يقدم الخدمة لمعاق أو يتيم أو حتى أرملة أو مطلقة تقطعت بها السبل، والمساعدة هنا لا تنحصر في الجانب المادي، بل المعنوي والمعالجة النفسية، وتجاوز الأزمات له الدور الأكبر في الإصلاح، وبث روح الأمل في هذه النفوس من جديد، مما أثارني للإشادة بهذا المجال، تلك الرسالة الوداعية لشخصية خدمت العمل الاجتماعي، وحان وقت الترجل لترك المضمار لأخرى، لن تسير إلا في نفس الركب، وإن كانت الرسالة تحمل صبغة أدبية مؤثرة لابنة الأديب الكبير عبدالله بن خميس، إلا أن الأستاذة «أسماء» وهي تودعنا، فتحت تلك النوافذ التي ولجت منها إلى قلوب الكثير منا، فكانت أما وأختا ومسؤولة قل أن تتكرر، أخلصت للعمل الاجتماعي، وتفانت لأجل تقديم الخدمة، وكان ديدنها العدل والمساواة، وإن كنا فقدنا تلك الشخصية الرائعة في وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، إلا أن المؤشرات بينت لنا اهتمام الوزير بالعنصر النسائي في وزارته، ومنحها الثقة لتحمل المزيد من المسؤوليات، ولعل ترشيح مستشارة له يعد أكبر دافع للعنصر النسائي للمضي قدما في سبيل تحقيق نجاحات تؤهلهن لمناصب قيادية فاعلة.