ترتبط المملكة العربية السعودية والمملكة الأردنيّة الهاشمية بعلاقاتٍ أخويّةٍ وثيقةٍ تُتيحُ لهما التّكافل والتّعاون بين البلدين شعبًا وحكومةً وأرضًا، الأمر الذي ظهرت آثاره في ذلك التبادل الثّقافي والحضاري، إضافةً إلى توطيد العلاقات السّياسيّة والأخويّة التي تجمع الملك عبدالله الثّاني بن الحسين والملك سلمان بن عبدالعزيز. حيث إن الجهود التي يقومان بها وحكومة المملكتين في خدمة جهود التنمية والنهضة في العالمين العربي والإسلامي جهود كبيرة وجبارة ومتنوعة في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية، وكذلك من خلال تحقيق الوفاق ومساعي الإصلاح بين المتنازعين والفرقاء وجمع الصف والكلمة وتطويق الخلافات العربية والإسلامية. وكان لنجاح قيادة البلدين في توجيه السياسة الاقتصادية، أبلغ الأثر في جعل المملكتين من الدول الفاعلة في رسم سياسة الاقتصاد العالمي واستقطاب المستثمرين وفتح المشاريع التنموية.

وقد نجمَ عن تلك الأواصر المتينة تطوير العديد من القطاعات في الأردن بفعل ما قدّمته المملكة العربيّة السّعوديّة من مِنَحٍ للعديدِ من المشروعات التنمويّة التي رأت النّور بعد تلقّيها ذلك الدّعم الذي جاء بعد توقيع المملكتين العديد من الاتفاقيّات التي تهدفُ إلى تطوير قطاعات الصَّحّة والتعليم والخدمات؛ عن طريق تمويل العديد من المشاريع التنمويّة التي تُعنى بذلك، ومن أهمّها: المِنح التي خُصّصت لغايات إنشاء وتجهيز مستشفى الأميرة بسمة، وإنشاء مختبرات الغذاء والدّواء، ومركز العلاج بالأشعّة، وإعادة تأهيل وصيانة مدينة الحسين الطبيّة، ومشروع توسعة مركز الحسين للسّرطان ومشروع الألياف الضوئية الوطني، إضافة إلى مساعدات لإنشاء المدن الصناعية.

هذا وقد أسهمت المملكة العربيّة السّعوديّة بتمويل العديد من المشاريع التنمويّة بالاستفادة من حصّتها في الصندوق الخليجي للتّنمية، والإسكان والإعمار والبنية التحتية ودعم مشاريع التعليم وبناء المدارس والجامعات والكليات، تلك المشاريع التي توزعت على أربع اتّفاقيّات، توزعت على برنامج إنشاء وتجهيز مستشفياتٍ حكوميّة، وتتكوَّن من: إنشاء مستشفى المفرق، وإنشاء مستشفى جرش وعجلون، وتوفير أجهزة ومعدات وآليات وقطع غيار، وتأهيل بعض الأقسام للمستشفيات التالية: مستشفى الأمير هاشم، ومستشفى الأمير راشد بن الحسن في إربد، ومستشفى الحسين، ومستشفى الأميرة هيا بنت الحسين في العقبة، ومستشفى الكرك ومستشفى الأمير علي بن الحسين، ومستشفى الأميرة عائشة ومستشفى الملكة رانيا للأطفال، ومركز الملكة علياء، وإعادة تأهيل مستشفى الملكة علياء، وتجهيز مركز العلاج بالخلايا الجذعية. ومشاريع برنامج إنشاء واستكمال الأبنية المدرسية ورياض الأطفال في مناطق مختلفة، وإنشاء وتأهيل شبكات المياه والصَّرف الصحي، وبرنامج إنشاء وتأهيل الطرق.

وإذا نظرنا إلى موضوع أثر المِنح الخليجية على زيادة التنمية والتّطوير في الأردن من زاويَةٍ أخرى، وخصّصنا الحديث عن المنحة السّعوديّة التي قُدّمت للجامعة الهاشميّة على سبيل المثال؛ فإنّنا نجد أنّها كانت قدوةً لغيرها من الجامعات؛ فكانت السباقة وأولى الجامعات الحكوميّة التي تقدّمت للمنحة الخليجيّة؛ إضافةً إلى منحةٍ من الصّندوق السّعودي للتّنمية أسهمت بثلاثة مشاريع؛ وهي بناء كلية الملكة رانيا للطفولة، وهي الكلية الوحيدة في الشرق الأوسط التي تمنح درجة البكالوريوس في تخصصات الطفولة، ومختبر إنشاءات لكليّة الهندسة، وتوسعة المشاغل الهندسية ومختبر فيزياء. إضافة إلى وجود عدة اتفاقيات علمية مع الجامعات والمعاهد السعودية.

وقد استثمرت الجامعة الهاشميّة مواردها بإدارتها الحكيمة أيّما استثمارٍ؛ ونفذت مشاريع إستراتيجية كبرى في البنية التحتية والطاقة الشمسية والتطوير، بالإضافة إلى بناء مجمعي القاعات الصفية الشمالي والجنوبي أطلقت الهاشمية عليه مسمى «مجمع الملك الحارث الرابع»، وهو ملك الأنباط وباني خزنة البتراء، تبلغ مساحته حوالي (20) ألف متر مربع ممولة من ميزانية الجامعة، في حين أن مجمع القاعات الصفية الجنوبي ممول من صندوق أبوظبي للتنمية ضمن المنحة الخليجية. بالإضافة إلى إنشاء محطة (مزرعة) لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية ممولة من ميزانية الجامعة، وقدرة (5) ميغاوات، وهي ضعف حاجة الجامعة، حيث سيتم بيع الفائض لشركات توزيع الكهرباء، فقامت كليّة الهندسة بعمل دراساتٍ فنيّة استغرقت عامًا كاملًا، وبعد ظهور النتائج، تم طرح عطاء دولي يمكّن الشركات المحلية أو الدولية من التقدم للمشروع. أدّى ذلك إلى خفضِ نفقات الجامعة من الطاقة لتصبح دينارًا واحدًا بعد أن كانت(2.5) مليون دينار سنويًا، الأمر الذي عادَ بالخير على الجامعة أوّلًا وعلى الأردن بأكمله ثانِيًا، ممّا يعني أنّ توجيه تلك المِنَح بشكلٍ إيجابيّ يُسهمُ في تطوير المجتمع بأكمله، إضافةً إلى ما تُثيرهُ تلك المِنح من تحفيزٍ للفكر الإبداعي الذي يحتاجُ في كثيرٍ من الأحيان إلى الدعم المالي حتّى يرى النّور.

ليس هذا فحسب، وإنّما تُسهِمُ تلك المِنَح في توطيد العلاقات الثّنائيّة التي خطّها الملك سلمان بن عبدالعزيز والملك عبدالله الثّاني بن الحسين، لننتقل من الوِحدة السّياسيّة والعلاقات الدبلوماسيّة إلى إطارٍ أوسع يشمَلُ وحدة الشّعبين وتكافلهما وتدعيم أواصر المحبّة والمودّة بينهما. حيث أسهم الاستقرار المالي في الجامعة من تنفيذ مشاريع إستراتيجية كبرى، وتطوير العملية الأكاديمية، واستقطاب نخبة من الأساتذة المتميزين، والاستمرار في إرسال البعثات العلمية للحصول على درجة الدكتوراه والماجستير في تخصصات تحتاجها الجامعة، ودعم البحث العلمي، وإنشاء برامج دراسية جديدة.

الجهود التي تقوم بها المملكة العربية السعودية في التنمية والنهضة على مستوى العالم العربي والإسلامي، جهود واضحة، ولا يستطيع أحد أن ينكرها، فهذا الخير يصل إلى ديار العروبة والإسلام، ويسهم في تحقيق التنمية والتطوير والنهضة. حفظ الله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والمملكة العربية السعودية والشعب السعودي الشقيق على الجهود الخيرة والمساعي الطيبة تجاه العرب والمسلمين في شتى أقطار العالم العربي والإسلامي.