يراود المراقب للمشهد السوري الشك حول مدى جدوى المصالحة التي تجري في سورية، وتكون قادرة على شفاء الجروح العميقة لهذه البلاد طوال السنوات الماضية.

 لا يوجد اهتمام لدى الحكومة السورية حاليا سوى إحصاء المغادرين من حي الوعر بمدينة حمص هذا الشهر، حيث نقل حاكم حمص طلال البرازي توسلاته للمغادرين بالبقاء والاندماج في المجتمع السوري مع ضمانات بالحماية، حيث إن هذا العرض لن يجد من يصغي إليه ممن اطلعوا على آخر تقارير منظمة العفو الدولية عن الإعدامات التي نفذتها الحكومة.

لفت انتباهي شابان ضمن المغادرين من الوعر عندما ابتسما داخل الحافلة التي تقل المغادرين، وأدار بندقيته على رأسه دورات مستمرة، ما يعني أنه سيعود للقتال مرة أخرى.

إن هذه الرغبة في العودة للقتال يشاركه فيها أيضا في الحماسة كثير من الجنود داخل الجيش السوري النظامي، وهو المؤسسة الرسمية الوحيدة التي ظلت تعمل بالكامل في البلاد.

ما هي الطريقة التي يمكن بها تغيير تفكير من حاربوا نظام الأسد والذين قُتل أصدقاؤهم وأقاربهم، وهم يقاتلون بهذه الأيام التي يروّج فيها النظام لما يسميه بـ«المصالحة».

 إن حكام المدن أصبحوا يرددون حاليا كلمة «مصالحة» كالتعويذة، كما أن لجان المصالحة توجد في كل مدينة وبلدة يسيطر عليها النظام، وتردد أيضا الوعود بالعفو والتسامح وضمان الحرية لمن يرغب في غسل يديه من كل الدماء التي سالت.

لقد التقيت العديد من الجنود السوريين وكذلك الروس الذين كنت أراهم بأعداد متزايدة في البلاد قد كتبوا على أكمام ملابسهم باللغتين العربية والروسية «قوات المصالحة».

كما أنني التقيت آباء قُتل أبناؤهم بعد اختطافهم ولم أستطع توجيه السؤال عن المصالحة إليهم، لأنني أعلم مسبقا ردهم الذي ينفي موافقتهم عليها، حيث إن هذا هو موقف أغلب السوريين من طرفي الحرب بشأن «المصالحة» التي يروّج لها رسميا في سورية هذه الأيام.