بدأت الإجازة التي تتوسط الفصل الدراسي الثاني وتتوسط العام الهجري، وتتوسط فصول السنة. إجازة الربيع؛ ومعها بدأت أحلام الناس بفصل حافل بالمرح والتسلية والترفيه. هذا ما يحتاجه الجميع، ويخرجون للبحث عنه في مصر وتركيا ودبي وقطر.
يخرج هؤلاء، رغم قصر الإجازة وارتفاع أسعار التذاكر، بحثا عن ترفيه ممكن ومعقول؛ ففي مصر مثلا يمكن أن يحجز الشخص تذكرة درجة أولى في حفلة أنغام ووائل جسار بسعر 150ريالا، وفي تركيا يمكن أن يحصل الشخص أيضا على رحلات قصيرة من إسطنبول لزيارات مدن مثل يلولا وسبانجا وبورصة مع الأكل والتنقلات بسعر 250 ريالا للشخص، لكن ذلك لا يحصل في السعودية ولا تهتم به أو تدعمه شركات السياحة ومكاتبها المنتشرة على رقعة هذا البلد، فلا نسمع عن رحلات شاملة الإقامة والتنقلات لمكة والمدينة أو جدة أو حائل وتبوك.. إلى آخره.
وفي المدن الكبرى يختزل الترفيه في مهرجانات عائلية يدفع فيها الشخص رسوم دخول، في حدود 50 ريالا للشخص (تختلف الأسعار باختلاف المكان الذي يقام فيه المهرجان) في أماكن ليس فيها من الترفيه إلا الأكل والتسوق، وكأن الأكل والتسوق هما الترفيه الوحيد في البلد، مع أنهما متاحان بالمجان طوال العام. التركيز في المهرجانات على الأكل والتسوق يدل على ترفيه فقير يحتاج إلى تطوير، ليس من حيث المنتج والمادة، بل حتى من حيث الفكر.
مشكلة السمنة عندنا تتزايد، وأمراضها تضغط على جداول المستشفيات الحكومية، ومع ذلك لا نجد وزارة الصحة تسهم في مهرجانات جادة لتطوير برامج الترفيه، من خلال ابتكار مهرجانات صحية مثل (الرابح الأكبر، وساعة مشي وساعة صحة). مع أن هذه البرامج يمكن أن تسهم في الوعي الصحي والغذائي بشكل يفوق ما تفعله برامج التوعية المنبرية التي تعتمدها الوزارة في منشآتها؛ بعيدا عمن يحتاجها فعليا.
المؤسسة العامة للسكك الحديدية والخطوط الجوية السعودية يمكنهما أيضا أن تسهما في نشاط السياحة الداخلية، حين تعتمدان برامج مخفضة لدعم السياحة الوطنية تحت مسميات (رحلة عليك ورحلة علينا)، بالتعاون مع هيئة الترفيه والهيئة العامة للسياحة والآثار.
على هذه الجهات جميعا وغيرها من مؤسسات الدولة أن تتعاون في خدمة الترفيه الوطني، وفي تحقيق كفاية المواطن منه في مواسم الإجازات على الأقل، وأن تتذكر الدور الذي تلعبه الجامعات والمدارس طوال العام من أجل ترفيه الطلاب والطالبات بإعداد الفعاليات والأنشطة غير الصفية؛ فتلك على الرغم من تكرارها ومحدودية أفكارها، تشكل، بالنظر إلى قلة الموارد وشح التمويل، جهدا كبيرا مشكورا، ولا يبقى إلا موسم الإجازات، وهو الأقصر، ليضع بقية مؤسسات الدولة أمام واجبها الوطني تجاه الطلاب وعائلاتهم.
لابد من توفير ترفيه مؤقت، في الإجازات على الأقل، يستحق أن تشدّ إليه الرحال، لكي لا تبقى الحال على ما هي عليه اليوم، فلا يجد المواطن في بلده خيارا للترفيه إلا تناول المزيد من الطعام.