لا يزال صراع السيطرة على النفط في ليبيا يهدد بتعميق الانشقاقات في البلاد، وتقويض السلطة الهشة أصلا، التي تقودها حكومة الوفاق الوطني الليبية المدعومة من الأمم المتحدة.

إن المعارك التي تجري للسيطرة على النفط فيما يعرف بالهلال النفطي في ليبيا، دفعت المؤسسة الوطنية للنفط، التي تعد الطرف المحايد سياسيا، إلى تحذير المجلس الرئاسي بسحب قراره الأخير، بإعادة توزيع السلطات في قطاع النفط بالبلاد.

كان رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، قد طالب المجلس الرئاسي بقيادة حكومة الوفاق الوطني، بسحب قراره الأخير، قبل أن يشن هجوما على الأطراف المتقاتلة وعلى حكومة الوفاق، وهو الأمر الذي قد يضعف حتى الدعم الدولي لحكومة فايز السراج، في طرابلس المدعومة دوليا، خاصة أن شخصية صنع الله تعتبر واحدة من الشخصيات الليبية التي تحظى باحترام المجتمع الدولي.

وأصدر سفراء الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن، بيانا مشتركا نادرا مؤخرا، حذروا فيه من استمرار القتال وأثره على البنية التحتية، وأكدوا أن البنى التحتية لقطاع النفط وعائدات الإنتاج والتصدير تعود إلى كل الشعب الليبي، ويجب أن تبقى تحت إشراف المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، مطالبين بـالإبقاء على هذه اللجنة الوطنية لإدارة ملف النفط، لكن البيان الأممي لم يشر إلى أن الجيش الشعبي، الممثل لحكومة الوفاق بطرابلس، هو السلطة الشرعية الوحيدة في ليبيا، رغم الدعم الدولي لحكومة الوفاق بقيادة السراج.

بحسب مراقبين، يعتبر صنع الله اليوم في ليبيا بمثابة وزير للنفط بحكم الأمر الواقع، حيث يبدو أن قرار حكومة السراج إغلاق وزارة النفط التي لم يكن لها وجود فعلي، هو محاولة من حكومة السراج لوضع القطاع النفطي تحت السلطة السياسية، وهي خطوة تقول عنها حكومة الوفاق إنها يمكن أن تنهي حالة الفساد الموجودة في هذا القطاع، وحالة الاستخدام الشخصي والسياسي لإيرادات النفط.

وبموجب القرار الذي أصدرته حكومة الوفاق الوطني، فإن مكتب رئيس الوزراء سيتولى مهمة تنظيم قطاع النفط، وتوقيع العقود والإشراف على الاستثمارات، والموافقة على المشروعات، ووضع تشريع جديد وسياسة سعرية، في حين ستُوكل مهمة تنفيذ الخطط للمؤسسة الوطنية للنفط برئاسة صنع الله.

تأتي هذه التطورات، في ظل انخفاض إنتاج النفط في ليبيا، بحسب المؤسسة الوطنية للنفط، بمقدار 252 ألف برميل يوميا، بعد توقف الإنتاج في حقلي الشرارة، والوفاء غربي البلاد، بسبب الهجمات المسلحة، وغلق خطوط الأنابيب الممتدة من الحقلين إلى مصفاة الزاوية والميناء، بالإضافة إلى أن هوية المهاجمين لم تتضح على الفور، ولم يعلن أي طرف مسؤوليته.

يجب أن يعود النفط الليبي إلى التدفق في جميع الحقول التي كانت تدر النفط بشكل سليم، حيث كان الإنتاج الإجمالي في ليبيا قبل إغلاق الحقول الكبيرة نحو 700 ألف برميل يوميا، وكانت البلاد تنتج نحو 1.6 مليون برميل يوميا بشكل إجمالي قبل ثورة عام 2011.


صحيفة جارديان البريطانية

باتريك وينتور