من قلب الإنسان، دلف فايز المالكي إلى عوالم الفنان، وحين قرأت بالأمس مبادرة حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لتكريم (صناع الأمل) في هذا العالم العربي، مقرونة بفرمان الترشيح، ذهبت فورا إلى اختيار فايز المالكي كصانع أمل، فايز المالكي آلة خير متحركة وصلت إلى مئات المكلومين والمسحوقين والفقراء وأصحاب الظروف الخاصة. كنت مع بضعة زملاء من الكتاب الكرام قبل أشهر بالرياض وفي لقاء خاص عندما انضم إلينا فايز المالكي، وإذا بالزملاء يمطرونه بالأسئلة حول بعض القصص الإنسانية التي تصدى لها بكل الروعة وأحيانا بالمخاطرة.

لم أكن على الإطلاق أتوقع من هؤلاء الكتاب أن يسألوه إلا عن الفن وعوالمه، وإذا بهم لا يعرفون عن فايز إلا روح الإنسان، وللدهشة وقفت مذهولا وكأنهم يتحدثون إلى مسؤول جمعية خيرية.

أنا أعرف جيدا أن بيننا العشرات من أمراء وأثرياء ورجال أعمال يستحقون الترشيح كصناع أمل، ولربما فاقوا بعطاءاتهم ما يفعله فايز المالكي بكثير ولكن: حين استمعت تلك الليلة إلى بعض قصص هذا الإنسان، عرفت أنه القادم البسيط من ذات جلد هؤلاء البسطاء لصناعة الأمل وإحداث التغيير، دهشت كيف يمتلك فايز المالكي لا الجَلَد والمثابرة في متابعة هذه القصص، بل أيضا كل هذا الوقت وهو يدخل بنفسه إلى كل التفاصيل الدقيقة حتى ينتهي من كل قصة. استمعت من الإخوة الكتاب بعدها إلى بعض قصص هذا الإنسان، وعرفت تماما كيف ارتفع فايز المالكي في إنسانيته فوق الجنسية وفوق الألوان، وأكثر من هذا كيف يستطيع فايز المالكي إبدال مواقع الحروف في حياة هؤلاء من الألم إلى الأمل، قلت له ونحن نغادر المكان لماذا لا تحول هذا الجهد المؤلم من عمل فردي إلى جمعية إنسانية تقوم على نظام مؤسساتي تبقى فيه بمثابة (دينامو) الكهرباء المولد؟ أجابني فورا بسخرية لاذعة: هل تريد أن أكون نادي الاتحاد، لكنه استدرك فورا ليتحول إلى جادّ حين ذكر أنه يتمنى أن يراها كذلك بالفعل، رغم خوفه الشديد من أن العمل الجماعي لا يفقده مجرد اللذة والاستمتاع بما يفعله كفرد، ولكن أيضا من أنه لا يضمن أن تنحرف الفكرة إلى عادة الجمعيات التي تصرف على كوادرها أكثر مما تعطي لما بنيت من أجله. النهاية أنني أتمنى أن أراه على مسرح ابن مكتوم كصانع أمل، لا من أجله، بل تكريما لكل البسطاء الذين سيفرحون به وقد ردوا إليه شيئا من صنائع المعروف.