اجتمعت 68 دولة حول العالم في واشنطن الأسبوع الماضي في إطار اجتماعات التحالف الدولي لهزيمة داعش، في وقت رحبت حكومة المملكة بالإدارة الأميركية الجديدة التي وضعت جل اهتمامها على منطقة الشرق الأوسط، ودعم حلفائها وأصدقائها الذين يواجهون خطر التنظيمات المتطرفة مثل داعش والقاعدة، بالإضافة إلى مخاطر دعم إيران الميليشيات الانقلابية في اليمن.
إن تحركات الإدارة الجديدة توحي بأنها تؤكد على عدم تخلي واشنطن عن حلفائها الموثوقين في المنطقة، وإن مسألة الدعم تعتبر محسومة، في ظل المخاطر التي تحدق باستقرار المنطقة.
بعد لقاء ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -مهندس الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية في المملكة-، بالرئيس ترمب في البيت الأبيض قبل فترة قصيرة، أكد الرئيس الأميركي دعم بلاده لحكومة المملكة بكافة الإمكانات، لدفع علاقة البلدين إلى أعلى المراتب الإستراتيجية، في وقت تعد الإدارة الأميركية الجديدة أكثر صرامة وحدّة مع التهديدات الإيرانية في المنطقة، والتي تضخمت بعد توقيعها الاتفاق النووي مع الدول الست العظمى، من بينها الولايات المتحدة، ووصف كل من وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، ومدير وكالة الاستخبارات الأميركية مايك بومبيو، إيران بالراعي الأول للإرهاب في العالم، فيما وصف نائب الرئيس مايك بنس الاتفاق النووي بأنه اتفاق فظيع للغاية.
إن حكومة المملكة على أتم الاستعداد للعمل مع الولايات المتحدة وحلفائها من أجل ضبط تحركات إيران في المنطقة، وإعادة الأمن والاستقرار للخليج العربي، وحماية ثرواته النفطية التي استكشفت منذ الحرب العالمية الثانية، فيما يمر الحلف السعودي الأميركي بمرحلة مهمة تتطلب إعادة توحيد الجهود لإيصالها إلى أعلى المراحل الإستراتيجية.
منذ انطلاق التحالف الدولي ضد داعش قبل 3 سنوات، كانت ولا تزال الرياض عنصرا فاعلا منذ اليوم الأول، حيث أرسلت مقاتلات حربية إلى قاعدة أنجرليك التركية، للانضمام إلى التحالف الدولي لضرب معاقل داعش في سورية. وعلى الصعيد التمويلي، عملت حكومة المملكة مع واشنطن من أجل قطع جميع مصادر التمويل التي يتغذى عليها تنظيما داعش والقاعدة، من خلال تبادل المعلومات الحساسة، بالإضافة إلى إسهاماتها في قطع كل التحويلات المالية المتدفقة للتنظيمات المتطرفة من البنوك الغربية.
وللتأكيد على أن التبرعات الخيرية المشبوهة لا تذهب إلى أيدي الإرهاب، منعنا تنظيم التبرعات المجهولة المقامة في المساجد والمساعدات التي تجمع لمنظمات مجهولة المصدر قبل تحويلها إلى خارج البلاد، بالإضافة إلى منع السعودية للشحنات البحرية غير المرخص لها من مرور الحدود البرية والبحرية، حتى لا تصل إلى داعش في العراق وسورية.
إن السعودية تعد المحرك الرئيسي للعالم الإسلامي لصد خطر التهديدات المحدقة بالدين الإسلامي، حيث إنه تحت قيادتها، تم تشكيل تحالف عسكري إسلامي يضم 41 دولة حول العالم، للتأكيد على ضرورة حماية المصالح الإسلامية من خطر المتطرفين، وتبادل المعلومات الاستخباراتية. وفي مارس الماضي، وفي أكبر مناورة عسكرية من نوعها في الشرق الأوسط، احتضنت المملكة مناورات رعد الشمال التي ضمت نحو 350 ألف جندي، و20 ألف دبابة، و2500 طائرة مقاتلة من 20 دولة، لرفع كفاءة القوات والجاهزية القتالية للتصدي لأي خطر من الحركات المتطرفة.
وفيما يتم التركيز على العمل العسكري الميداني في الحروب، لم ينس التحالف الإسلامي خطر الأفكار والعقائد المتطرفة، حيث لا يزال يشجع المعلمين والأكاديميين وأصحاب الفكر والسياسات على نبذ التطرف وتوصيل أصواتهم في شتى وسائل الإعلام، فيما كانت السعودية السباقة في هذا المجال، بعد أن أنشأت مركزا لتحليل شبكات التواصل الاجتماعي من أجل التعرف وتتبع الإرهابيين وشبكاتهم التجنيدية.
وبما أن التنظيمات الإرهابية ليست المهدد الوحيد لاستقرار الشعوب، فإن إطلاق تجارب الصواريخ الباليستية، وتهريبها إلى اليمن ولبنان وسورية والعراق، والتحركات المشبوهة في شبه جزيرة سيناء ومياه الخليج العربي التي ترتكبها إيران، تعد عاملا إضافيا مزعزعا لاستقرار المنطقة، لدرجة أن الأخيرة أصبحت تنقل صناعتها الصاروخية والتكنولوجية لتعليمها للمتمردين الحوثيين في اليمن، وغيرها من الميليشيات التي تقاتل بالوكالة عنها في دول المنطقة.
وفي اليمن التي تشارك السعودية بنحو 1100 ميل من الحدود البرية، تدعم طهران الحوثيين بكل ما أوتيت من قوة، على غرار دعمها ميليشيا حزب الله الإرهابية التي زعزعت استقرار لبنان، في وقت استغلت عدم وجود حكومة مركزية يمنية، وشجعت الميليشيات على إطلاق صواريخ عشوائية لا تصيب أهدافها بدقة، على مراكز سكنية حيوية داخل السعودية، والتي قدرت بنحو 40 ألف قذيفة هاون وصواريخ متعددة وعدد من المقذوفات، وقتلت نحو 375 مدنيا، وأغلقت 500 مدرسة وهجرت 24 قرية سكنية و17 ألف ساكن.
وردا على هذه التهديدات، قادت السعودية حملة عسكرية من 12 دولة لدعم الشرعية اليمنية المعترف بها دوليا، وإعادة السلام والأمن لليمن، ولا تزال تؤكد أنها تفضل الحلول السلمية لإعادة الأمن والسلام، ودعم حلفائها الإستراتيجيين دبلوماسيا واقتصاديا على غرار الأردن ومصر، إلا أن الغطرسة ودعم الإرهاب بشكل علني، على غرار ما تفعله إيران في اليمن، لا يتطلبان تعاملا وديا معها، ويكون الحسم العسكري هو الخيار الوحيد حينها.
منذ الحرب الباردة إلى الحرب على الإرهاب، دعمت الولايات المتحدة السعودية لتقوية قدراتها القتالية والعسكرية، عبر التدريبات والمناورات المشتركة، ومن خلال شراء الأسلحة الباليستية المتطورة، وهو ما جعل السعودية أكبر مستورد للسلاح الأميركي في العالم.
اليوم نحن نعمل سويا مع الحلفاء الآخرين، لهزيمة داعش والقاعدة وكل التنظيمات الإرهابية التوسعية المموّلة إيرانيا، ونحن نقف كتفا إلى كتف لتأمين وحماية الشرق الأوسط من أجل عالم آمن ومزدهر.
شبكة فوكس نيوز الأميركية