شدد باحثون في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة على أن القطاع الخاص يمكنه أن يسهم وبتأثير جيد في تعزيز النمو الاقتصادي المستدام في المملكة من خلال الاستثمارات في السلع والخدمات البيئية بما يساعد في معالجة تحديات التنويع الحرجة التي تواجه المملكة.

وركز الباحثون حبيب الله محمد، وخالد ميماني، ومحمد عدايا في بحثهم على التحليل الكمي للعلاقة بين النمو الاقتصادي والاستثمارات البيئية، والعلاقة الطردية بين التحسينات في السلع والخدمات البيئية والنمو الاقتصادي، ثم حدد بحثهم عددا من الشركات البيئية القابلة للتمويل، التي من شأنها أن تجذب القطاع الخاص بوضع سياسة الحوافز المناسبة، مبينين أن الشركات البيئية لديها إمكانات كبيرة للقطاع الخاص أو للشراكة مع القطاعين العام والخاص، وتشمل الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية، والمعدات البيئية، مثل معالجة مياه الصرف الصحي ومكافحة التلوث، والخدمات البيئية، مثل إدارة النفايات وإعادة تدويرها.

ومنذ عام 1970 أصدرت الحكومة السعودية 10 خطط للتنمية، تغطي كل منها 5 سنوات، وكان التنويع الاقتصادي هدفا رئيسيا لجميع هذه الخطط، ومع ذلك أصبح تنفيذ إستراتيجية التنويع تحديا كبيرا، حيث كان الهمّ ينصب فيما مضى على إدارة عائدات النفط، إذ إن تنويع الإنتاج والصادرات، وكذلك تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد السعودي باتا نقطة انطلاق لخلق فرص العمل ومعالجة مشاكل البطالة.

ومن شأن هذه الإستراتيجية أن تحمي المملكة من تقلبات سوق النفط الدولية بتحقيق التوازن والخروج من النمو المنخفض الحالي، والحد من ارتفاع معدلات البطالة بإنشاء اقتصاد قائم على المعرفة المستدامة القادرة على التصدي لتحديات القرن الـ21.

وعلى الرغم من هذه التحديات الاقتصادية في المملكة، إلا أنه لديها كل المقومات اللازمة لبناء مزدهر، فالاقتصاد الصناعي قادر على خلق فرص عمل وزيادة الدخل والإنتاجية على أساس مستدام، إضافة إلى أن القوة الشبابية المتعلمة في المملكة تزايدت بشكل كبير، لذا هناك فرص هائلة لتعزيز النمو ورفع مستويات المعيشة.

وإزاء هذه الخلفية أعلن ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في 25 أبريل الماضي عن خطة إستراتيجية طويلة الأجل أطلق عليها اسم «رؤية 2030»، تضمنت جدول أعمال التحول الأكثر طموحا، الذي يهدف إلى خلق اقتصاد مستدام مبني على الرؤية السعودية 2030 تحت ثلاثة مواضيع رئيسية هي: مجتمع نابض بالحياة، واقتصاد مزدهر، وأمة طموحة.

وعلى الصعيد الاقتصادي، فقد حددت رؤية 2030 عددا من الأهداف الإستراتيجية الواسعة، بما في ذلك زيادة مساهمة القطاع الخاص في الإنتاج المحلي الإجمالي من 40% إلى 65%، وزيادة حصة الصادرات غير النفطية من 16% إلى 50%.


عائدات النفط المرتفعة تعزز الإنفاق الحكومي


خلال العقود الماضية لعبت عائدات النفط المرتفعة دورا داعما في تعزيز الإنفاق الحكومي في المملكة، وبالتالي تعززت أنشطة القطاع الخاص في البلاد، مما أدى إلى تسارع النمو الاقتصادي.

وفي الواقع، وخلال العقد الماضي، تجاوز معدل نمو القطاع الخاص «الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي».

وكان للثروة النفطية دور أساسي في وضع حجر الأساس لأسس اقتصادية متينة، مثل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، الحيز المالي، والحساب الجاري، الاحتياطات الأجنبية، واستقرار الأسعار والبنية التحتية المادية والاجتماعية.

ومع ذلك، ظل الاقتصاد السعودي غير المتنوع والذي يواجه حاليا عددا من التحديات في سعيه إلى خلق النمو الاقتصادي المستدام والتنمية، وقد واصل الانخفاض المستمر في أسعار النفط العالمية في كشف الاقتصاد السعودي جراء تقلبات الأسواق الدولية.

وأسهم الاعتماد المفرط على النفط في الهبوط بقضية التنويع الاقتصادي على الرغم من التأكيد المستمر عليها في جميع خطط التنمية الوطنية السعودية الماضية، كما أن المملكة هي من الأقل تنوعا بين اقتصادات مجلس التعاون الخليجي.





تحسن البيئة يجذب المستثمرين


يشير تحليل البيانات إلى أن التحسن في البيئة يمكن أن يحفز النمو الاقتصادي، وبالتالي يؤدي إلى اقتصاد سعودي مستدام، وجذب مستثمرين من القطاع الخاص في الأعمال التجارية من السلع والخدمات البيئية يتطلب هياكل الحوافز التي من شأنها مواجهة تحديات الإطار التنظيمي الضعيف، ومحدودية القدرات المؤسسية، وعدم وجود آليات تمويل مبتكرة.

والسؤال الرئيسي هو: أي من هذه القنوات التجارية لديها القدرة على تقديم الفرص الاستثمارية الأكثر ربحية للقطاع الخاص في المملكة؟

يتكون عمل الموارد البيئية للطاقة من (الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة) ومرافق المياه واسترداد الموارد، ومن المتوقع أن يكون الأسرع نموا هو قناة الأعمال البيئية، تليها مرافق المياه.

ويعد قطاع الطاقة المتجددة نشاطا متنوعا يتكون من الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة الحرارية الأرضية وخلايا الوقود، موجة «طاقة المد والجزر»، والوقود الحيوي، ويوفر مثل هذا التنوع فرصا تجارية مربحة في قطاع تكنولوجيا الطاقة المتجددة.

وعلى الصعيد العالمي، يقدر أنه بحلول 2030 سيتم بناء قدرة توليد للطاقة من 4700 جيجاوات في الاستثمار المقدر بحوالي 4 تريليونات دولار، ثلث هذه القدرة سوف يتم بناؤها في الاقتصادات الناشئة في آسيا (أسبلاند 2008)، وهذا يعني أن هناك فرصة كبيرة للحصول على الطاقة لتوفير جزء كبير من هذه القدرة الجديدة لتوليد الكهرباء، نظرا لأنه يمثل في الوقت الحالي أقل من 1% من الإنتاج العالمي للكهرباء.

تقدم الصين على وجه الخصوص يعد مثالا كلاسيكيا على النمو الذي تقوده في مجال الطاقة المتجددة، الذي أدى إلى خلق فرص عمل ودخل وإيرادات.

وقد أضافت الطاقة المتجددة أكثر من 17 مليار دولار للصين «الناتج المحلي الإجمالي، ويعمل بها ما يقدر بـ1.5 مليون شخص في نهاية عام 2009».

وضمن قطاع الطاقة المتجددة تعمل الطاقة الشمسية على توليد الطاقة الكافية لاحتياجات العالم «7 مليارات شخص بحلول عام 2030»، وفي جوهرها تحمل الطاقة الشمسية وعدا كبيرا للتحول في المملكة، وإعطاء فرصة لخلق والحفاظ على القدرة التنافسية في مجال الطاقة الشمسية.

 


إدارة النفايات يمكن أن تحقق نجاحات لافتة


توقع باحثون أن تلعب إدارة النفايات ومعالجة مياه الصرف الصحي دورا مهما في الجذب الاقتصادي، خصوصا أن إدارة النفايات هي قضية بيئية وصحية مهمة جدا للمملكة، نظرا لارتفاع نسبة المواد العضوية في النفايات الصلبة. وهذا يمكن أن يوفر كثيرا من الفرص التجارية المحتملة للقطاع الخاص في مجال إعادة التدوير.

وتتكون قنوات الأعمال في قطاع المعدات البيئية وإدارة النفايات، من معدات التحكم في تلوث الهواء، ومعدات المياه والمواد الكيميائية والآلات ونظم المعلومات.

وضمن هذه الفئة التجارية، يتبين أن سوق معدات المياه والمواد الكيميائية لديها القدرة العظمى للنمو طويل الأجل للمستثمرين.


حددت الإسكوا عام 2011 الفرص التالية، خاصة استثمارات القطاع في خدمات إدارة النفايات في المملكة ودول الخليج الأخرى بالآتي:


إدارة الموقع واسترداد التكاليف


تمويل أولويات الاستثمار لتوسيع نطاق التغطية لإدارة النفايات

الخدمات المتخصصة، مثل خدمات النفايات الصناعية أو الطبية


إنشاء مرافق  النفايات، وإعادة تأهيل المكبات القديمة وجمع والتخلص من نفايات الرعاية الصحية الخطرة


أنشطة إعادة التدوير وتحلل البلاستيك