للمرة الأولى تبدأ التصريحات الإيرانية بالكشف عن اقتصاداتها، والحديث المغلّف عن صرف الثروات إلى الحرس الجمهوري الثوري، دون مراعاة للمواطن داخل إيران.

قبل أيام، نشرت الصحافة الإيرانية تصريحات خامنئي ينتقد فيها سياسة روحاني، والتي فيما يبدو أنها من باب لعب الأدوار أمام أنظار حكومة ترمب القادمة بقوة، لزلزلة اقتصاد إيران، وفرض مزيد من العقوبات التي ستكون حجرا على التحرك الإيراني في المنطقة وما حولها، وهذه التصريحات تؤكد بما لا يدع مجالا لأي محلل أن يجتهد في أن المعاناة الداخلية بدأت تثور وتبلغ درجات عالية، معها يصبح التسارع الإيراني نقمة على الملالي وولاية الفقيه، ولهذا جاءت الانتقادات جريئة إلى حكومة روحاني للاعتماد على الاقتصاد، وهي صناعة تقشفية عاجلة تعتمد عليها دول الإفلاس في بلد يملك احتياطات نفطية عالية، وثروات تجارية من الغاز الطبيعي والسجاد الشيرازي، بما يمكّن المواطن في إيران أن يعيش في اُبّهة من المال، تأتي اليوم حكومة طهران لتلجأ إلى صرف الكوبونات وتقنين المصروفات بعد تبذير الثروة على أطماع توسعية لا طائل منها، أثبتت فشلها في العراق وسورية واليمن، وأن الأموال التي صُدرت إلى موانئ الحديدة والمخا وجبال سورية، عادت عليها بضائقة مالية انعكست على المواطن الضعيف الذي لا يملك حولا ولا قوة، ويعيش تحت مطرقة الذلة والهوان حتى رأينا أن ما لا يقل عن 15 ألف أسرة تعيش دون مسكن، بل هي في طرقات بعض المدن الإيرانية وفق آخر الإحصاءات، وأن الغلاء بدأ ينهش في أموال أصحاب الدخول المنخفضة، وأُبقيت الأموال مكدسة عند كثير من الطبقة المخملية أو بعض الذين لجؤوا من العراق وسورية بعد أداء الخدمة، تأكيدا لبداية عصر الطبقية التي عاشتها بعض دول العالم في الغرب، نتيجة السياسة الاندفاعية لحكام طهران الذين لا يهمهم سوى الدفع بالمواطن الإيراني إلى جادة الهلاك، حتى ولو عاش فقرا أو تحت «خط الفقر».

هذا في وسط إيران، فكيف ببلاد البلوشستان والأحواز وكرد إيران، هذا المثلث الذي قسى عليه طغاة الحكم في قُمْ من أصحاب العباءات والعمائم، وقد نُهبت خيرات بلادهم مع أنها تملك غالبية صادرات إيران للعالم، لكنهم لا يملكون منها شيئا مع كل أسف، وأن دورهم فقط حراسة الأموال والتصرف فيها، هكذا أُهدرت أموال المواطن الإيراني فيما يُزعَم بالتوسع الصفوي والَتشيع البغيض في زراعة الهلال الشيعي الذي لن ينجح بإذن الله.

بعدما جاءت الإدارة الأميركية الجديدة، وتقاسم هذا الهم التَّحرك السعودي مع أميركا لفرض سياسة كف إيران عن مطامعها، وفرض عقوبات جديدة عليها، ودخول الحكماء إلى إنقاذ الشعب العراقي الشقيق من مخالب إيران، والبحث عن مخرج للعراق وتقريب وجهات النظر بين السعودية والحكومة العراقية، إن هي أرادت حسن النية، ولهذا فالدبلوماسية السعودية تتحرك هنا وهناك للتضييق على مشروع إيران التوسعي الذي جَّر الويلات والفقر داخل المدن الإيرانية ومناطق الأقليات فيها.

ولهذا، كانت الرسالة قوية وصريحة من خامنئي إلى روحاني وحكومته لمراجعة الأخطاء التي فعلا أثبتت فشلها وجرّت المنطقة إلى ما وصلت إليه من حروب وتشرد وهدر للأموال، حتى رأينا إيران تلجأ إلى الاقتصاد المقاوم، وسياسة نصيبك رغيف خبز أو انتظر الموت، وهذا ما يحدث في شعب تتخبط قيادته في إغراق إيران في مستنقع الفقر والثورة القريبة بإذن الله على الملالي، وهذا بالتأكيد نتيجة السياسة الخرقاء لحكام طهران التي ينتظرها شعب إيران المغلوب على أمره، وإن غدا لناظره قريب.