لم يعُد الأمر اللافت للجميع، عندما نقرأ أرقاماً عالية في إحصاءات زوار معارض الكتاب في بلدنا، فكل عام نحن على موعد دائم ومتكرر مع كثير من الأرقام المبهجة.

الأمر بالفعل صار طبيعياً، وهناك مؤشر واضح وكبير، في أن مقروئية الكتب لدينا في تصاعد مستمر وملحوظ، والأمر يُثبت كل عام أننا إزاء مجتمع يقرأ بنهم، وبحماس، وبترقب شديد، لكل معرض من معارض الكتاب، في جدة أو الرياض.

الشيء الذي لم يكن متوقعاً، وبالذات في معرض الكتاب بالرياض، أن الكتب التي حققت أعلى المبيعات، لم تكن لروائيين استنفروا جُل طاقتهم وخيالهم الإبداعي، كما أنها لم تكن لمفكرين كبار شابت رؤوسهم في التنظير والكتابة، ولم تكن حتى مؤلفات لكبار الدعاة ممن انكبّوا على التأليف سنوياً للحاق بركب الموقّعين على كتبهم في منصات التوقيع، بل كانت بكل بساطة مؤلفات لكثير من نجوم السوشل ميديا.

طبعاً لا داعي لوصف رداءة مؤلفات نجوم السوشل ميديا، وضعفها الفني والإبداعي، فالعقول هي ذات العقول المتناثرة في فضاء مواقع التواصل، والأفكار ذات الأفكار، والتسطيح ذات التسطيح، فكل ما حدث هو أنهم انتقلوا من الشاشات ومواقع التواصل إلى فضاء الورق، بذات الأفق الضيق، والثقافة الهشة.

الشيء الجميل الذي كان لافتاً للانتباه، هو خدمة القارئ المتجول لزوار معرض الكتاب في الرياض، وهي خدمة تعتمد على 15 شاباً متطوعاً، و18 فتاة متطوعة، تم تدريبهم للتعامل مع ذوي الإعاقة البصرية من الجنسين، ومساعدتهم على شراء ما يرغبونه من الكتب.

تلك لمسة إنسانية وحضارية في منتهى الجمال، في مقابل أحداث منغصة حدثت ويعرفها الجميع.