بينما أصدر خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز، أمرا ملكيا بفرض ضريبة على شركات النفط العاملة داخل المملكة العربية السعودية، وبأن يكون سعر ضريبة الدخل على الوعاء الضريبي للمكلف الذي يعمل في إنتاج الزيت والمواد الهيدروكربونية في المملكة، قال اقتصاديون إن تخفيض السعودية الضرائب المفروضة على شركات إنتاج النفط يعد خطوة جوهرية تأتي قبيل إدراج عملاق النفط السعودي «أرامكو» في السوق المالية.

وجاء في الأمر الملكي: «ولأغراض تطبيق ما ورد في الفقرات 1 و 2 و 3 و 4، من البند يقصد بإجمالي الاستثمارات الرأسمالية إجمالي القيمة المتراكمة للأصول الثابتة من أملاك ومعدات وآلات وتجهيزات وغير ذلك، وللأصول غير الملموسة بما فيها تكاليف عمليات الكشف والتنقيب عن الزيت والمواد الهيدروكربونية وتطويرها، وذلك قبل حسم الاستهلاك والإطفاء»، وحدد الأمر الموقع من الملك سلمان بن عبد العزيز، ضرائب الدخل على الشركات النفطية بين 50 و85 %، بحسب قيمة استثماراتها، بعدما كانت ضريبة ثابتة بنسبة 85 %.


المعدلات الدولية

أكد خبراء اقتصاديون لـ«الوطن» أن الأمر الملكي بفرض وعاء ضريبي على من يعمل في إنتاج النفط والمواد الهيدروكربونية داخل المملكة، جاء في إطار استعدادات الطرح العام الأولي لأسهم أرامكو العام المقبل، والذي من المتوقع أن يكون أكبر طرح أولي لأسهم في العالم.

وفي الوقت ذاته كشفت شركة أرامكو، في بيان أمس، إن خفض ضريبة الدخل التي تدفعها الشركة إلى 50 % من 85 % يجعلها متوافقة مع المعدلات العالمية مما يجعلها في مرتبة متوافقة مع المعدلات الدولية في هذا الخصوص، مبينةً أن التنظيم الجديد يدعم مساهمة أرامكو في تنويع الاقتصاد وتنميته في المملكة، بما يتماشى مع رؤية 2030.

وقال وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية المهندس خالد الفالح، إن الأمر الملكي الخاص بتخفيض الضرائب على شركات إنتاج النفط والمواد الهيدروكربونية العاملة في المملكة؛ خطوة إيجابية التي تعزز توجهات الدولة نحو تنويع مصادر الدخل بما يدعم الاقتصاد الوطني.

وقال الفالح إن الأمر الملكي الخاص بالضرائب على شركات إنتاج النفط والمواد الهيدروكربونية العاملة في المملكة يضع المملكة في مرتبة متوافقة مع المعدلات الدولية في هذا الخصوص، مؤكداً أن المملكة ستظل صاحبة السيادة على مواردها الهيدروكربونية، وأن أي انخفاضات في العائدات الضريبية تنشأ عن هذا الأمر الملكي سيتم تعويضها بتوزيع أرباح مستقرة من قبل تلك الشركات التي تملكها الدولة، وتدفقات مالية أخرى تدفع للحكومة بما في ذلك التدفقات الناتجة عن أرباح الاستثمارات.


أبعاد استراتيجية

في مَعرِض تعليقه على الأمر الملكي الخاص بتخفيض الضرائب على شركات النفط والمواد الهيدروكربونية العاملة في المملكة قال وزير المالية محمد بن عبد الله الجدعان: «إن هذا الأمر الكريم يحمل في أبعاده الاستراتيجية مصلحة المملكة ورفاهية أبنائها، والمحافظة على المكتسبات الوطنية للأجيال القادمة»، موضحاً أن الأمر الملكي لن يكون له أي تأثير سلبي على قدرة الدولة في تقديم خدماتها العامة للمواطنين.

وأضاف: «أي انخفاض في إيرادات الضرائب المفروضة على الشركات المنتجة للنفط والمواد الهيدروكربونية العاملة في المملكة سيتم تعويضه بتوزيع أرباح مستقرة من قبل تلك الشركات التي تملكها الدولة، وتدفقات مالية أخرى تُدفع للحكومة بما في ذلك التدفقات الناتجة عن أرباح الاستثمارات، مؤكداً أن الأمر الملكي يدعم مكانة المملكة كوجهة استثمارية رائدة على مستوى العالم، خاصةً أنه يأتي منسجماً مع الرؤية الطموحة للمملكة 2030».





المعايير العالمية

أفاد الخبير النفطي محمد الضبعي لـ«الوطن» بأن خفض سعر ضريبة الدخل على الوعاء الضريبي للشركات العاملة في إنتاج الزيت والمواد الهيدروكربونية في المملكة يقصد به في المقام الأول تخفيض نسبة الضريبة على أرامكو السعودية لتكون مواكبة للمعايير العالمية، كما أن التخفيض الضريبي سيعود بأثر إيجابي على المساهمين في الشركة بعد طرح أسهمها في السوق المالية.

وأضاف الضبعي أنه سيتم طرح 5 % فقط من أسهم شركة أرامكو في سوق الأسهم بينما تملك الدولة 95 % وأن انخفاض الضريبة سينعكس إيجابا على توزيعات الأرباح على المساهمين والدولة. ويحفز الشركات الأجنبية على التعامل مع شركة أرامكو في خدمات النفط والغاز ويجعل عملاق النفط السعودي أكثر قدرة وتنافسية على جذب الاستثمارات الأجنبية.


زيادة القيمة السوقية

أشار المحلل المالي محمد الشميمري لـ«الوطن» بأن توقيت القرار يعتبر مناسب جداً بالنسبة لطرح أرامكو وذلك فيما يتعلق بتخفيض نسبة الضريبة إلى 50%، وهذا سيزيد من القيمة السوقية لأرامكو لأن الدخل سيرتفع وبالتالي ستزيد الأرباح.

وقال إن حسم مساهمات شركة الأموال - للأغراض الضريبية في صناديق التقاعد وصناديق التأمينات الاجتماعية وأي صندوق، أسس لتوفير حقوق نهاية الخدمة أو للتعويض عن النفقات الطبية للعاملين، يأتي من المحفزات الحكومية للشركات وهي ما تتعامل به الكثير من الدول.


معايير الضريبة

أوضح الاقتصاديون أن العوائد الإيجابية من الوعاء الضريبي ستكون جيدة، متوقعين أن يشهد القطاع النفطي إقبالا كبيرا كون المملكة تعتبر الأقل عالمياً من حيث تكلفة استخراج وتنقيب النفط، وأن هذه الميزة ستكون جاذبة للمستثمرين.

وأوضح الخبير الاقتصادي راشد الفوزان لـ«الوطن» أن الوعاء الضريبي جاء استباقيا قبل طرح أسهم شركة أرامكو في الفترة المقبلة، وبالتالي تحديد هذه النسب سيكون على وعاء ضريبي وليس أرباحا، مبيناً أن الضريبة تعتمد على عدة معايير أساسية منها رأس المال والأرباح وحقوق المساهمين والنفقات في الشركة وغيرها، وهي مجموعة متغيرات مالية تستخرج منها الوعاء على حسب كل نشاط سواء أكان تجاريا أو صناعيا.

الاستثمارات الكبيرة

قال الفوزان إن نسبة الوعاء الضريبي ليست ثابتة ولكن بنسبة 80%


صناعة متجذرة

أوضح الخبير الاقتصادي عبدالله باعشن أن الصناعة النفطية والهيدروكربونية تعد منظمة من الناحية الضريبة وأن 58% من دخل المملكة يأتي من المجال الضريبي، كما أنها صناعة متجذرة في المملكة، مشيراً إلى أن النظام الضريبي موجود ولكن جرت عليه بعض التعديلات بعد الخروج من الصندوق الأسود لهذه الصناعة إلى الفضاء الرحب، وذلك بعد طرح جزء من أهم شركة في هذا القطاع في السوق وهي «أرامكو» السعودية للاكتتاب.

وأضاف أنه من منطلق تتابع الإجراءات فمن الضروري أن تكون هناك شفافية لدى كل من يعمل في هذا القطاع؛ لأن هذه الشركات سوف تدخل في منافسة مع بعضها البعض. كما أن الظروف تغيرت نتيجة لطرح جزء من شركة أرامكو للاكتتاب، وعملية الحفاظ على أكبر عنصر لموازنة الدولة عن طريق فرض الضرائب على هذا القطاع بالذات، مضيفا أن الطاقة الآن أصبحت من القطاعات التي تتوجه إليها الاستثمارات، وتساهم فيها البنوك وأصحاب الاستثمارات، وتأتي مثل هذه الإجراءات حتى تتضح لهم الصورة بأن المملكة غنية بهذا القطاع مع وجود إجراءات ضريبية مفروضة عليه.

طريقة الشرائح

أشار إلى أن القرار يوضح أنه أقرّ بإسلوب الشرائح وليس مثل الضرائب الثابتة، وبدأ بـ85% ونزل إلى 50%، وأخذ بعين الاعتبار نوع الاستثمار ومناطق وجوده، موضحاً أن التشريع الضريبي أتى وفقاً للمعايير العالمية والذي يأخذ مفهوم الشريحة المتناقصة، وأن هذه الصناعة تعتبر عالية المخاطر ولكن ذات عوائد عالية.