بت أتيقن فعلا أن البعيد عن العين بعيد عن القلب!

الأخ الفاضل الدكتور «صدقة فاضل»، تحدث من خلال سلطته البرلمانية مطالبا بتجنيس الأجانب. ومن دلالة المفردة والأرقام التي تناولتها الأخبار، فالمقصود هنا هم الإخوة الآسيويون والأفارقة الذين يوجدون في منطقة مكة المكرمة وغيرها.

ولو تفضل الأخ الفاضل صدقة وقام بزيارة بعض مناطق بلادنا، لوجد آلاف البشر الذين ولدوا وترعرعوا على أرض هذه البلاد، ولا يعرفون أرضا غيرها، هم أولى بالحصول على الجنسية التي باتت حلما صعب المنال.

اليوم يا دكتور، هناك معاملات متراكمة، أرتال مخيفة من الورق في وكالة الأحوال المدنية، كلها تعود إلى أسر تطالب بحقها في الحصول على جنسية هذه البلاد الطيبة.

عائلات وقبائل عاشت وتنقلت هنا وهناك؛ بحثا عن الكلأ، لتكتشف ذات يوم على أطراف المدن أن هناك مكاتب للأحوال المدنية تطالبهم بإثباتات جذورهم، ولو نطقت الأرض لكانت أول الشاهدين على مضاربهم وخطواتهم وموارد مائهم. لكن كيف للأرض أن تنطق؟!

ليت الدكتور صدقة فاضل قبل أن يطلق مطالبته تلك قام بجولة في شمال المملكة وجنوبها، بل ليته قام بجولة على حي النظيم في الرياض، ليجد أناسا هم نسيجه الخاص وثقافته ولهجته، يعيشون معاناة كبيرة في عدم حصولهم على الجنسية، رغم مطالبات بعضهم التي تجاوزت الثلاثين عاما!

بالمناسبة؛ وهذا استدراك مهم، أنا لا أعارض فكرة الأخ صدقة المتمثلة في حصر الأجانب وحصر أحوالهم، وتجنيس من تنطبق عليهم شروط الجنسية. حتى أنني طالبت قبل سنوات بتجنيس بعض اللاعبين الأجانب الذين قد يخدمون رياضتنا!

دائما أقول، إن النظام الذي بين أيدينا ليس قرآنا منزلا حتى لا تتم مراجعته أو التعديل عليه. هذه قوانين وضعية قابلة للتعديل والتطوير والحذف والإضافة؛ بما يتماشى ومصلحة الوطن ومستقبله وثرواته الطبيعية والبشرية وغيرها.