وعندما نتحدث عن هذه الجهة فهي حاضرة نجران الأولى، حيث كانت مقر الإمارة وسوقها القديم، وقراها التي شكلت تاريخ المكان وشهدت تكاثر البشر هناك، ليصبحوا مع تقادم الزمن عوائل وقبائل عمروا الأرض وزرعوها نخلا وقمحا، وشكلوا المجتمع الحضري للمنطقة، لتفتح لاحقا المدارس والإدارات الحكومية، ثم تلحق بمستشفى نجران العام الذي ظل وما زال حتى وقت قريب جدا يخدم القرى الكثيرة الممتدة على جنبات وادي نجران من أقصى الغرب إلى الشرق، إضافة إلى الحاضرة الأساسية أو ما يعرف بـ«أبا السعود». كان هذا المستشفى الوحيد في نجران إلى أن افتتحت مستشفيات حكومية وخاصة خدمت جهات أخرى، وبقي هو الأكثر في استقبال المراجعين الذين كانوا يمثلون أكثر من نصف عدد سكان المنطقة المتمركزين في غربها ووسطها، وحتى بعد اتساع النطاق العمراني ظل موقعه مناسبا للأكثرية، ورغم قدمه إلا أن الخدمات الصحية المقدمة فيه كانت جيدة وتفك أزمة اختناق المستشفى الحكومي العام الآخر، ومستشفى الولادة والأطفال، ولأنه بهذه الأهمية الكبيرة لم يدر في خلد المواطنين أنه قد يُغلق يوما، للعلاقة الوثيقة بينهم وبينه ثم لقربه منهم، حيث إن المستشفيات الحكومية بعيدة عنهم، وفي حال كانت هناك حالات إسعافية طارئة ستكون المعاناة أكبر، وهنا نتساءل عن قرار الإغلاق وكيف تجاهلت الجهة التي أصدرت قرارها أهمية هذا المرفق، وقبله صحة المواطنين في حال فقدت مكانا إسعافيا قريبا في حال تعرضها لخطورة ما، كحالة ولادة أو أزمة ربو أو حتى حادث سير، لا سمح الله. نحن نتمنى للجميع الصحة والعافية، لكن أن يقفل مستشفى هكذا دون دراسة سلبيات وإيجابيات هذا القرار فهذا يعد أمرا غامضا، خاصة في هذا الوقت بالذات، ومستشفيات المنطقة تضيق بعدد المراجعين والمنومين، بسب عدم توفر بديل جيد، فحتى المستشفيات الخاصة قليلة ومستوى خدماتها إلى ما دون العادي، إضافة إلى سعر الخدمة المرتفع، وكم هي الحالات التي أسعفت إلى المستشفيات الحكومية، بسبب تراجع الخدمة المقدمة فيها، وعلى الرغم من أن المؤشرات تؤكد إغلاق مستشفى نجران العام، إلا أننا نتأمل من وزارة الصحة دراسة الخطوة، وعدم التسرع في اتخاذ القرار قبل إيجاد البديل، وليعلم المسؤولون أن في ذلك الأمر ضررا بالغا على المواطن يتمثل في إغلاق مستشفى حكومي لا يبعد عنه عشرات الكيلومترات، يتلقى فيه العلاج وأسرته إن حكمت عليه الظروف الصحية يوما ما.