كشفت تقارير مؤخرا، إرسال روسيا قوات خاصة إلى قاعدة عسكرية في مصر لمساندة قوات المشير خليفة حفتر في ليبيا، وهو الأمر الذي لم يشكل مفاجأة للمراقبين السياسيين، ولم يشكل نفي روسيا لهذه التقارير مفاجأة أيضا.

وحتى لو تم نفي تلك التقارير فإن هنالك دلائل تثبت دعم موسكو السري للمشير حفتر الذي عمل مع العقيد الراحل معمر القذافي في انقلاب عام 1969، القذافي الذي كان في قبضة السوفييت ثم وكالة الاستخبارات الأميركية، وتم إسقاطه عام 2011 من قبل المجتمع الغربي.

بحلول عام 2017، يريد حفتر تقديم نفسه على أنه المحارب الوحيد للتطرف في ليبيا، وقائدا للجيش الوطني الذي يسيطر على معظم الأجزاء الشرقية من البلاد، ولا يعترف بشرعية حكومة الوفاق الوطني المتمركزة في طرابلس والمعترف بها من قبل المجتمع الدولي.

عندما زار حفتر موسكو في نوفمبر 2016، وضع له البساط الأحمر وتمت معاملته على أنه زعيم وطني وصانع سياسات الدولة الليبية، بالإضافة إلى مقابلته وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، ووزير الدفاع سيرجي شويغو، ووزير مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف.

بعد المقابلة لم تظهر بيانات حول المواضيع التي تمت مناقشتها، إلا أنه من المؤكد تمت مناقشة سبل دعم قوات حفتر للسيطرة على كامل التراب الليبي وإعادة الاستقرار فيها ومركزية القرار تحت سلطة عسكرية نوعا ما.

ويتساءل مراقبون ما الشيء الذي سيعود بالنفع على روسيا غير تنشيط تجارة أسلحتها وعتادها وإبرام عقود الطاقة، حيث إن موسكو لا تزال تجتر آلام ضياع الصفقات العسكرية والتجارية التي أبرمتها مع القذافي قبل سقوط حكمه، والتي ناهزت 4 مليار دولار وتمت بواسطة الرئيس فلاديمير بوتين شخصيا. وبعد صعود حفتر على حاملة الطائرات الروسية الوحيدة الأدميرال كوزينيتسوف، خلال رجوعها من مهماتها القتالية على السواحل السورية في يناير الماضي، وتوقيعه عدة اتفاقيات مع الجيش الروسي، رأى خبراء أن حفتر أصبح رجل روسيا الأول في ليبيا بلا منازع.

إذا تقدم المشير حفتر على خصومه السياسيين والعسكريين في ليبيا وسيطر على معظم أنحاء البلاد، فإن هذا يعد نصرا قويا لعودة لنفوذ روسيا ما قبل 2011، التي أزيحت بفعل التدخل الغربي لصالح تقويض مصالحها الإستراتيجية، في وقت تريد فيه موسكو فرض شخصية حفتر على الغرب، على أنه الرجل المناسب والسريع القادر على تضييق الخناق على الجماعات المسلحة والمتطرفة، ووأد تدفقات المهاجرين إلى أوروبا المتزايدة. ويبقى ضعف التقدم والسيطرة على باقي الفصائل المسلحة، هاجس المشير حفتر، بالإضافة إلى أن خسارة التحالفات العسكرية مع الفصائل العسكرية حول مدينة بنغازي، لا تعطي أي آمال بالسيطرة على العاصمة طرابلس.

إن مسألة انتصار حفتر في حربه الليبية، تعتمد بالدرجة الأولى على قوة الدعم الروسي له بالعتاد والتدريب، فيما قد يرى البعض أن إنزال قوات روسية على الميدان ومساندة القوات المحلية بالتدريب والتنسيق، يعتبران أمرا غير مشروع وسيتم النظر إليه على أنه تمرد ضد الشرعية، وبالتالي فإن الخيارات المطروحة أمام الروس ترى أن حفتر جزءا من الحل وليس الحل بذاته، وبالتالي فإن الدفع به إلى الواجهة السياسية والعسكرية الليبية، قد يعوض جزءا مما فقدته روسيا من مصالحها في هذا البلد الإستراتيجي وضمان مستقبل لها فيه.


فلاديمير فرولوف

صحيفة موسكو تايمز الروسية