لا أحبذ الدخول في الخلافات التي تحدث داخل بعض المؤسسات. المصريون يقولون «يا داخل بين البصلة وقشرتها».
لكن في بعض الحالات التي تتماس مع المواطن، يصبح التدخل أمرا حتميا، مهما كانت قوة الرائحة!
أمامي قضيتان على طرفي نقيض، لمسؤولين كبيرين في الخطوط الجوية السعودية: المسؤول الأول يستحق التكريم، والآخر يحتاج ما أبعد من العقاب!
- الأول، أعلن احتجاجه العلني على ما عدّه إخلالا بأنظمة الخطوط السعودية التي تمنع منعا باتا تبديل مقعد الراكب ونقله إلى مقعد في الدرجة الأولى، دون وجه حق.
إذ لاحظ أن بعض ملاحي إحدى الطائرات يقومون بتوزيع مقاعد الدرجة الأولى «شرهات» على زملائهم وغير زملائهم، دون وجه حق، وعلى مرأى من بقية الركاب المغلوبين، فكان أمام لحظة حاسمة؛ إما أن ينتصر للقانون والعدالة، أو «يدس راسه وسط الروس»، فاختار الأولى رافعا شعار «القانون قانون ورزقي على الله»!
- الحكاية الأخرى على طائرة أخرى، وبطلها مسؤول آخر، جاء بفعل عكس الأول، «وإني وإن كنت الأخيرَ زمانهُ، لآتٍ بما لم تستطعهُ الأوائلُ!»
إذ تقول الأخبار إن ثلاثة اتصالات تلقاها قائد طائرة، كلها تنقل توجيهات المسؤول بكسر النظام، ونقل راكب من درجة رجال الأعمال إلى الدرجة الأولى، في خرق واضح لكل القوانين والأنظمة التي تسعى الخطوط السعودية إلى ترسيخها!
أقول لمعالي المهندس صالح الجاسر، وهو الشاب العملي الذي جاء من نجاحات سابقة، ويسعى جادا وجاهدا إلى تطوير هذه المؤسسة العملاقة: أنا لا أطالب يا معالي الرئيس بمعاقبة هذا المسؤول بالحسم واللوم، بل أطالب بإحالته إلى التقاعد فورا، أو إبعاده عن مطبخ القرار؛ إذ كيف لي أن أثق بعد اليوم في العدالة وأنا في «الجو»، بينما هناك من يتصل سرًا من «الأرض» ويطالب بكسر النظام مستخدما نفوذه!
إن أول خطوات إصلاح الخطوط السعودية يا معالي الرئيس، هو الضرب بيد من حديد على هذه النوعيات من المسؤولين الذين تعودوا على التعامل مع المؤسسة كأحد ممتلكاتهم الخاصة.
قبل أن أنسى؛ شكرا لقائد الطائرة البطل، الذي رفض رفضا قاطعا الاستجابة لمحاولات كسر النظام!.