التربية روح الحياة وقلبها النابض ومستقبلها المشرق، والتربية تمنح الثقة، وتسمو بالأنفس، وتبني الأجيال الصالحة، وأيضا تقلل الخلافات وتمنع التصادمات، وتمنحك مهارة الحوار والنقد البناء، وتقبل آراء الآخرين دون تحسس أو وجل.
فالتربية والتدريب على نظرياتها وأساليبها وأهدافها ورؤيتها ورسالتها، وممارستها وتطبيقها في الحياة اليومية، كلها -ودون استثناء- لا غنى للإنسان عنها، ولا يخلو مجتمع من المجتمعات الإنسانية، ولا عمل من الأعمال أو الوظائف والمهن المختلفة، من التطبيق أو التعامل مع التربية، كلٌّ بطريقته وحسب حاجته.
وتتجلى التربية بصورة أكبر، وتتضح أهميتها وضرورتها في مجال التعليم العام والجامعي، وهي الرسالة الرئيسة للمعلمين والمعلمات وأعضاء هيئة التدريس وهيئة التدريب من ذكور وإناث.
فالطالب يتلقى ممارسات إدارية وممارسات تربوية من بداية أول يوم دراسي في حياته، ابتداء بالاصطفاف الصباحي وانتهاء بالانصراف نهاية الدوام. فمن المهم والضروري للقائدين والمشرفين ومن لهم دور ريادي في التربية، الاطلاع الواسع في هذا المجال والمتابعة المستمرة لمستجداته.
كما يجب على كل مسؤول لم يسبق له دراسة علم التربية، أن يهتم بصقل فنونه الإدارية والاطلاع والتطبيق لهذا العلم في مجال عمله، إذ سيجد الفرق الكبير، خصوصا إذا اهتم بتطبيق ذلك العلم بكل ثقة.
فقائد الأمة ومعلمها ومربيها الأول، هو رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- وهو سر المدرب أو المدرس الناجح، وتكمن أهمية التربية للمدرب أو المدرس على أنها أساس عمله، وسر صناعته، وهي جزء لا يتجزأ من تكوين شخصية الطالب أو المتدرب ومتطلباته.
وفِي المقابل، يتبادر غلة الذهن سؤال: هل الإدارة أهم من التربية، أم التربية أهم من الإدارة؟، وهل يجب على المدير أو القائد في أي قطاع أو مصلحة أن يتزود من التربية ونظرياتها، أم يتزود من علوم الإدارة ونظرياتها؟، لا سيما إذا كان تخصص ذلك الشخص المسؤول بعيدا عن التربية أو الإدارة، وفي رأيي أن التزود بالعلمين والاطلاع والقراءة فيهما أمر ضروري للنجاح، فلا ينجح ذلك القائد إن لم يكن لديه علم وتطبيق للتربية في إدارته، ولن تكون لديه إدارة ناجحة إن لم يكن لديه اطلاع على أساسيات علم الإدارة.
من هنا، فأنا أحث كل من دخل مضمار الإدارة، أن يخصص لنفسه وقتا كافيا للقراءة والاطلاع والتطبيق والممارسة الفعلية لعلم التربية، فسيجد بإذن الله السعادة والتوفيق، والمحبة من الغير، وسيكون موفقا في اتخاذ القرارات، وذلك لأن التربية تزرع الثقة في نفس ممارسها، وتزيل غشاوة الشكوك، وتورث التواضع، وتجعل الإنسان يفكر في تطوير الذات وتطوير الغير في بناء المجتمع والإسهام في تنميته.