ولأنها تقرأ وتقرأ وتقرأ، فهي تعشق الاطلاع والمعرفة، ستقلب الطاولة على مفاهيمك.. ستغير أفكارك وتعيد قراءاتك للحياة وللموت، للقيم والقناعات والمفاهيم.. تفكك نصوصا عشعشت في كهف عقلك الباطن وتعيد غربلتها في العقل الواعي.

لا تتزوج امرأة تقرأ.. تبخل بالوقت لتصرفه في القراءة، تحمل كتابا مشتركا بينكما في النزهة، ومجلدا وكتيبا في صالة الانتظار والرحلة، أحدهما لك، في قسمة لا ينقصها القسط والرحمة!

?تذهب للاستراحة حاملا معك كتابك، وستكون محل تندر وسخرية من أصحابك، شيئا فشيئا تنسى «البلوت» والتخييم و«التطعيس»، تخسر متابعة الدوري المحلي والإسباني والأوروبي، تضيّع أوقاتك بين الأوراق وتبدد فلوسك في المكتبات! ?

لا تتزوج امرأة تقرأ، مطبخها فارغ ومكتبتها عامرة، أوانيها كتب وكتبها أوان، رفوف المطبخ مؤلفات وأدراجه دفاتر، تملأ عقلك وبطنك خاوية، تعرف تقرأ ولا تعرف تطبخ، «تفشلك» عند الضيوف «المطاليق».

لا تتزوج امرأة تقرأ لأنها ستغلق التلفزيون وتحرمك المسلسلات والأفلام وتسرد لك قصة بيت المتنبي الذي أودى بحياته، وتحكي لك كيف قتلت سقراط فلسفته، وتصور لك شجاعته وهو يؤثِر تجرع السم بأمر المحكمة على أن يرتدّ عن آرائه.

لا تتزوج امرأة تقرأ، لأنها قد تُهمل شكلها وتُعمل عقلها، زينتها الفكر السابح وعطرها أسئلة فلسفية تسرح بخيالك إلى الميتافيزيقيا وعلم رياضة العقل.

لا تتزوج امرأة تقرأ، حتى لو كانت بلا شهادة، فالشهادة عند الكثير مجرد تحصيل قوت لا علم، تحصيل لقب ومفخرة دون فكر إبداعي ولا قول مسدد، لهذا يقول سقراط «تكلم حتى أراك».

لا تتزوج امرأة تفكر.. فهي لا تؤمن بالفكر السائد والعصر البائد ولا بالعقل التراثي والعصاب الجماعي، تدعوك للثورة على كيانك لاسترجاع سيادة ذاتك وحق روحك في الوجود بفكر مستقل وعقل حاضر غير مصادر.

تثور على ثقافة الأموات فتمحّص الغث من الغثيث، «تفلتر» نصوص الغابرين ومعهم السائرين، فتقلُب المتفق مختلفا فيه، والمجمع عليه لا أبا لأبيه، ولا يمنع أن تُشِيد بقليل مما يليق أما البقية فهي كالمدعو «بقية» روايته ليست نقية فكن منها على تقية.

لا تتزوج امرأة تفكر.. لأنها ستشغلك بجدلية الديالكتيك ومباحث الأنطلوجيا والأبستمولوجيا وقيَم الاكسلوجيا، ستخطفك لعصور أرسطو ثم النهضة والتنوير حتى تهبط بك في مطارات برتراند راسل والجابري والمسيري والغذامي.

??لا قدسية عندها لأحد، الكل تحت مجهر الفحص العقلي، تنقد رأيك ورأيهم ورأيها السابق، وربما تضحك اليوم من رأيها بالأمس، هي كل يوم متجددة نتيجة القراءة المتدفقة، تنزع إلى حصيلة فاعلية العقل المكوِّن وليس المكوَّن، الرأي الذي تشاؤه لا الذي يُشاء لها.

ولأنها تقرأ، فهي تعرف ما لا تعرف، لا تمارس التفكير بالعقل فحسب، بل التفكير في العقل أيضا، تعرف كيف تطير «فكرا» وعقلك في الوهدة، تجعل ثقافتك العالية ضحلة، فإما أن تتواضع وتثني الركب لطلب العلم والحكمة وإما أن تأنف عليك ذكوريتك فيشتعل في صدرك لهيب الغيرة حتى تحرق بيت الزوجية.

لا تتزوج امرأة تقرأ، لأنها تفسد رجولتك الشرقية فأنت لا تقبلها ممرضة ولا طبيبة، لا باحثة ولا مخترعة، لا طيارة ولا مهندسة، لا تريدها إعلامية ولا محامية، لا عضوة برلمان ولا حتى «كاشيرة» فكيف تتزوج أنثى تفكر، سيدة تعقل، امرأة تقرأ، والأصعب حين تكون امرأة تكتب..!

لا تتزوج امرأة تكتب..