تعكف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب حاليا على توسيع إستراتيجية إدارة أوباما للقضاء على داعش، عبر إرسالها مزيدا من القوات إلى المنطقة ورفع القيود عن المشاركة المباشرة في المعارك، إلا أن المكاسب ستكون محدودة والنجاح سيكون مؤقتا حتى لو تمكن حلفاء واشنطن المدعومين عسكريا من تحرير الرقة والموصل من تنظيم داعش.

إن الخطأ الأبرز في الإدارات الأميركية المتعاقبة بعد غزو العراق عام 2003 يكمن في التركيز على دحر الإرهاب على حساب بروز تنظيمات متطرفة أخرى، حيث إنه مع تركيز إدارة أوباما اهتمامها على داعش، إلا أن تنظيم القاعدة يلملم شتاته ويتعلم من أخطائه، وعلق هجماته بشكل مؤقت على الساحة الدولية فيما ركز على ترسيخ أقدامه في المجتمعات السنية في سورية واليمن وشمال إفريقيا لأجل تطوير قدراته على الصمود لأكبر فترة ممكنة.

كما أن القاعدة يختلف عن داعش في أنه لم يلزم الناس اتباع عقيدته بشكل سريع وصارم، بل استخدم سياسة التمهيد، حتى إنه لم يطلب من أتباعه ومقاتليه أن يعلنوا ولاءهم للتنظيم بشكل سريع، على عكس تنظيم داعش الذي أرغم الناس وبقوة السلاح على اتباع منهجه، في وقت أصبحت القاعدة تقدم نفسها على أنها أكثر اعتدالا من داعش لتكتسب صدى أكبر عالميا.

إن الثغرة الثانية الأساسية في إستراتيجية أميركا ضد داعش هي اعتمادها على شركاء غير سنة وغير عرب، مثل المقاتلين الشيعة الأكراد وغيرهم، الأمر الذي يعزز من مكانة التنظيم، الذي استغل تهميش السلطات العراقية للمكون السني خلال سنوات وصعد على حساب معاناتهم، بالإضافة إلى مساعي الأكراد في العراق وسورية الرامية إلى إنشاء دولة مستقلة لهم وهو الأمر الذي يلقى رفضا واسعا من العرب.

إن إستراتيجية تهميش الطائفة السنية، يمكنها أن تقوي إيران وروسيا اللتين لم تبذلان جهودا كبيرة ضد داعش، وركزتا على تدمير المعارضة المعتدلة التي هددت نظام بشار الأسد، فيما لم تقم واشنطن بجهود كبيرة لتقييد نشاطات إيران العسكرية المتزايدة في سورية والعراق، والتي أصبحت تتغلغل فيهما بكل سهولة ووضوح أمام أنظار العالم، وبالتالي فإن أميركا إذا لم تتحرك سريعا فإن الوجود العسكري الإيراني المتسع في سورية سيصبح دائما.

ويرى مراقبون أن دعم أميركا للأكراد في عملية تحرير الرقة سيزيد المشاكل ويعطي مكاسب قليلة، حيث إن السيطرة على المدينة لن يؤدي إلى تقويض التنظيم بشكل كامل، لأنه لا يزال يسيطر على جنوب شرق سورية من مدينة دير الزور إلى الحدود مع العراق، بالإضافة إلى أن سقوط المدينة لن يشكل نصرا تكتيكيا إلا لصعود القاعدة وإيران ونظام الأسد والأكراد واقتسامهم المغانم، وفي المقابل، سيخسر السنة كل هذه الانتصارات، الأمر الذي يقلل من فرص نشوء قيادة سنية قوية وجيش موحد لسحق داعش والقاعدة.

إن أميركا ترمب يجب أن تضغط على نظام الأسد وإيران وروسيا لإنهاء النزاع بشروط يقبلها العرب السنة، وهذا يمكن أن يكون أسهل مع قاعدة آمنة داخل سورية، وبالتالي ضمان شركاء وحلفاء من السنة لم يتم اختراقهم من الجماعات المتطرفة.


الباحثان كمبرلي وفريديريك كاغان

صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية