بحث عدد من الخبراء الاقتصاديين العقبات التي تواجه الصناعات التحويلية. وأكد مدير عام التخطيط الإستراتيجي وتطوير الاستثمار بالهيئة الملكية بالجبيل المهندس عبدالعزيز عطرجي، أن الصناعات التحويلية تواجه مشكلة ارتفاع أسعار اللقيم الذي توفره الصناعات الأساسية بالجبيل، مما يستدعي التعاون بين الصناعتين لتجاوز هذه المشكلة. موضحا أن الصناعات التحويلية ابتداء بالجبيل وينبع ورأس الخير الصناعية تواجه عقبات إجرائية تحد من نموها، على الرغم من أنها تعتبر الخيار الإستراتيجي الجديد للصناعات في المملكة، وتتمثل في مشكلة أسعار اللقيم التي تحد من نموها، الأمر الذي يستدعي التعاون بين كل من الصناعات الأساسية المنتجة للقيم من جهة، والصناعات التحويلية من جهة أخرى، كما مر في التجربة الألمانية في مؤتمر الصناعات التحويلية، نظرا لاعتبار الصناعات الأساسية محركا رئيسيا للصناعات التحويلية.
غياب الإستراتيجية
يرى المستشار الاقتصادي فضل البوعينين أنه مع توفر المنتجات البتروكيماوية الأساسية، يصبح أمر التوسع في الصناعات التحويلية الوسيطة والنهائية أمرا متاحا متى ما حضرت الإستراتيجية، والدعم، والإرادة الحكومية، ووعي القطاع الخاص لاستثمار الفرص المتميزة في مجال الصناعات التحويلية الوليدة، مضيفا أن من أهم التحديات غياب الإستراتيجية الحكومية، وبالرغم من وجود رؤية المملكة 2030 إلا أن التحدي الأكبر يكمن في تنفيذ أهدافها ذات العلاقة بالصناعات التحويلية ضمن المنشآت الصغيرة والمتوسطة. إضافة إلى منافسة المنتجات الصينية الرخيصة التي تغرق السوق، وتحول دون تمكين هذه الصناعة، مما يستوجب فرض حماية خاصة لضمان نشأة هذا القطاع الحيوي. الرسوم والضرائب والعمالة المدربة أيضا من التحديات، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف المدن الصناعية، مما يستوجب إيجاد بيئة حاضنة لهذه الصناعات المهمة.
ضمان التنافسية
أشار البوعينين إلى أن قطاع الصناعات التحويلية بحاجة إلى أسعار مدعومة تساعده على النهوض، وهذا يحتاج إلى ترتيبات خاصة من وزارة الطاقة والصناعة المعنية بتنمية قطاع الصناعات التحويلية. تسعير اللقيم غاية في الأهمية لضمان تنافسية أسعار المنتجات التحويلية مع المنتجات الصينية الرخيصة. كما أن الخدمات اللوجستية تحتاج إلى تطوير أكبر، خاصة في تعاملها مع المنشآت الصغيرة والمتوسطة العاملة في الصناعات التحويلية، وتوفيرها بأسعار مقبولة مطلب للصناعات التحويلية. وشدّد البوعينين على أن عددا من الشركات الكبرى في الصناعات التحويلية تستأثر بشيء من الدعم، أما الشركات الصغيرة والمتوسطة فهي مهمشة ودعمها لا يكاد يرى، بل تُـركت دون رعاية أو حماية، مشيرا إلى أن هناك شركات تخرج من السوق، وتكبد أصحابها خسائر فادحة بسبب ضعف الدعم والاحتضان، وأكثر من ذلك عدم وجود بيئة تنافسية عادلة.
الاستثمار الناجح
أوضح أستاذ علم الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة الدكتور حبيب التركستاني أن الصناعات التحويلية يجب أن تواجه عقبة أسعار اللقيم بإستراتيجية مبنية على جدوى اقتصادية ناجحة تحقق التنافسية، فغياب إستراتيجية الاستثمار الناجحة في هذا القطاع الحيوي تعتبر من أهم العقبات التي تعيق نموه وفق سياسة السوق الحر. إضافة إلى ضعف مستوى الوعي الاستثماري، من خلال تباطؤ النمو للبحث عن دعم، في حين أن دعم هذا القطاع ليس بالضرورة بتقديم سيولة نقدية أو توفير لقيم مدعوم حكوميا، حيث يمكن أن تتم عملية الدعم من خلال منحه مميزات استثمارية تنافسية مثل: مهل إضافية مرنة لتسديد الالتزامات المالية دون فوائد، إعطاء منتجات هذا القطاع الأولوية في السوق المحلية من حيث الاستهلاك، كما يجب على الصناعات الأساسية التي توفر اللقيم لهذا القطاع تقديم كل ما من شأنه دعم نمو الصناعات التحويلية انطلاقا من مسؤوليتها الاجتماعية، بما يتفق وإستراتيجيتها الاستثمارية.
الصناعات الأساسية
مشددا على أن دعم الصناعات الأساسية لنمو الصناعات التحولية يجب ألا يكون بتوفير أسعار اللقيم بأسعار مخفضة أقل من السعر العالمي، لأن ذلك يعرض المنتج المحلي من البتروكيماويات للخسارة، وهذا خطأ إستراتيجي يجب ألا يحدث. ويضيف الدكتور التركستاني من أسباب نجاح الصناعات التحويلية وتحقيق التنافسية على المنتج المستورد تطور الخدمات اللوجستية التي يجب أن تستهدف خدمة هذا القطاع بصورة أساسية باعتباره خيارا إستراتيجيا للصناعات المحلية مستقبلا في كل من الجبيل2 وينبع 2 ورأس الخير، وجازان الاقتصادية، وغيرها من المدن.