في الأيام الماضية انتشرت إشاعة حول تنظيم وتقليص مكافأة الطلاب الجامعيين إلى النصف مع إبقاء مكافأة طلاب التفوق.

وبدأ الطلاب والطالبات الذين هم أصحاب الشأن بطرح آرائهم حول هذا القرار الإشاعة، وبمجرد أن بدؤوا في تعبيرهم الغاضب ظهر مجموعة من الذين نصبوا أنفسهم مهتمين بالشؤون المالية وخبراء الاقتصاد، وهم ما يصطلح على تسميتهم بـ«خبراء أول نقرة»، وشرعوا في ذكر المساوئ والتكاليف التي يتلقاها اقتصادنا وخزينة الدولة بسبب مكافأة الطلاب الـ800 ريال، وأنها لا بد أن تقلص ويوضع لاحتسابها شروط ولا يستلمها أي طالب.

خبراء أول نقرة لم يحركوا ساكنا منذ سنين و تجاهلوا مبالغ تجاوزت المليارات تصرف على برامج وأنشطة ومشاريع أقل أهمية من مكافأة الطلاب. وأنا هنا لا أقلل من أهمية ودور هذه البرامج والمشاريع، ولكن في المقابل لا نستطيع أن نرجحها في الأهمية على ما يصرف من مكافأة لطلاب العلم، والتي أراها بسيطة جدا في ظل حاجيات ومستلزمات الجامعة من كتب وبحوث وتكاليف، بالإضافة إلى مشاوير النقل والمواصلات للطالبات وتكاليف السيارات ووقودها للطلاب. فبناء الإنسان أولى من بناء المكان.

ثم إننا كمجتمع لم نصل حتى الآن إلى درجات متقدمة من الوعي تسمح بأن يقطع المحفز المالي لحث خريجي الثانوية للالتحاق بالتعليم الجامعي، والذي بسببه يتحمل الطالب المستجد وذووه اختلاف أساليب التعليم العالي عن التعليم العام، والفروقات الواضحة في الخسائر المادية بين المرحلتين.

كما أن بعض الأهالي من متوسطي ومحدودي الدخل لن يستطيعوا القيام بتكاليف الجامعة على مستقبل وظيفي مجهول لا يبشر بخير في ظل المناهج ومخرجات التعليم التي لا يد أو ذنب للطالب فيها، وفي ظل ما نعيشه الآن من تكدس لخريجي وخريجات الجامعة بكافة التخصصات تجدهم عاطلين بلا عمل.

طلابنا هم الاستثمار الحقيقي لبناء قوة ونهضة الوطن، الاستثمار الأمثل في أغلى ثروة -العنصر البشري- من خلال دعمها وتوفير كافة متطلباتها في طريق تعلمها وقيامها، وتقديم ثانويات تعليمهم على أولويات غيره، لأننا نريد استثمار قوة الشباب واستغلال صرف قوتهم ونشاطهم فيما يخدمهم ويخدم وطنهم في كافة المجالات.

هم الدرع الواقي والحامي للوطن، هم من كان وسيبقى ويفنى لأجله، وخيرات وكنوز هذا الوطن هي لهم، لهذا بناء المواطن أهم بكثير من بناء الوطن.

الجميل في الموضوع أن المتحدث الرسمي لوزارة التعليم نفى هذا الخبر وصرح بأنه ‏ليس لدى الوزارة أي نظام جديد حول المكافآت، كما أنها مستمرة بالتنسيق مع الجامعات بمواءمة التخصصات ومتطلبات التنمية.

ما أود قوله لخبراء أول نقرة والسلبيين من أمثالهم، إنه مهما كانت خسائر وزارة التعليم، ومهما وصلت مكافأة الطلاب، هذا من أبسط حقوقهم إن كنا نريد منهم ما نريد، كما أن دعم المتفوقين ليس بزيادة المكافأة إلى النصف أو مضاعفتها في أحد شهور الصرف، إنما بتنمية مواهبهم في مجال تفوقهم ورعاية هذه المواهب وتبنيها، ثم بعد ذلك إيجاد الفرص الوظيفية المناسبة لها في وطنها، فلقد سئمنا من ظهور نوابغ وعباقرة فقدوا الأمل في التوظيف واتجهوا إلى بيع الشاورما والفلافل.