فيما أكدت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي أمس، أن منفذ اعتداء لندن بريطاني المولد وتأثر بأيديولوجية تنظيم داعش، أعلن الأخير عبر وكالته الرسمية «أعماق» تبنيه الهجوم الإرهابي الذي نفذه مجهول أول من أمس، واستهدف مقر البرلمان البريطاني، عن طريق دهس مجموعة من الأشخاص بواسطة سيارة على جسر وستمنستر ثم طعن شرطي بسكين، مما أسفر عن مقتل 5 أشخاص من ضمنهم منفذ الهجوم، وجرح ما لا يقل عن 40 شخصا، وصفت بعض جراحهم بالخطيرة.

وكثفت الشرطة البريطانية من حملاتها الأمنية بعد الحادثة، حيث اعتقلت 7 أشخاص في عدة مدن مختلفة، من بينها العاصمة لندن وبرمنغهام وبعض الأماكن الأخرى.

وكان الهجوم الدموي قد وقع أول من أمس أثناء جلسة مساءلة عقدها مجلس العموم البريطاني لرئيسة الوزراء التي غادرت مقر البرلمان بعد وقوعه، قبل أن يتم تعليق الجلسة والطلب من المشرعين المكوث داخل القاعة، فيما أعلن قصر بكنغهام عن تأجيله لزيارة الملكة إليزابيث الثانية التي كانت مقررة أمس، لافتتاح المقر الجديد لقوة شرطة لندن. من جهتها أعلنت مصادر دبلوماسية، عن إصابة ثلاثة تلاميذ فرنسيين دون الـ16 عاما في الهجوم، بالإضافة إلى 5 كوريين جنوبيين آخرين.


شخصية سطحية


أشارت صحيفة «إنترناشونال بيزنس تايمز» إلى أن منفذ الهجوم كان معروفا لدى قوات الأمن، حيث تم التحقيق معه في وقت سابق من قبل وكالة الأمن المحلية البريطانية «إم 15»، ووصفته بأنه مهاجم ذو شخصية سطحية، ومن الممكن أن يكون قد استلهم أفكاره من الأيديولوجية المتشددة لدى المتطرفين المنتمين إلى الدين الإسلامي، فيما كان من ضمن الضحايا امرأة من أم إسبانية، وتعمل في كلية قريبة من مكان الحادثة. وكانت وسائل الإعلام البريطانية قد أشارت إلى أن السيارة المستخدمة في الهجوم تم استئجارها من بيرمننجهام، في وقت تعددت الإصابات بين الجنسيات الأميركية والفرنسية والرومانية والكورية الجنوبية والألمانية والبولندية واليونانية. ويأتي ذلك، فيما استأنف البرلمان البريطاني أمس، أعماله الاعتيادية بعد وقوف دقيقة صمت تكريما للضحايا.





هجمات مماثلة


 تطرقت صحيفة «فايننشال تايمز» في تقريرها إلى أن هجوم لندن أعاد مسائل مكافحة الإرهاب إلى مركز النقاش مرة أخرى، في وقت تتأهب فيه بريطانيا لحزم حقائبها والخروج من الاتحاد الأوروبي.

وأوضح التقرير الذي أعده محرر الشؤون الدفاعية والأمنية بالصحيفة سام جونز، أن الهجوم أعاد إلى الأذهان هجمات نيس الفرنسية وبرلين الألمانية العام الماضي، لافتا إلى أن بعض حسابات وسائل التواصل الاجتماعي ضجت بالتعاطف مع الإرهابيين، فيما تزامن هذا الهجوم مع ذكرى مرور عام على الهجمات الثلاث التي نفذها جنود موالون لداعش في العاصمة البلجيكية بروكسل، وأدت إلى مقتل 32 شخصا وجرح المئات.


حب المناسبات


أكد التقرير أن داعش بات يحب الظهور في غالبية المناسبات العلنية، لافتا إلى أنه على الرغم من تشديد الإجراءات الأمنية وملاحقة المتورطين في فترة ما بعد هجوم بروكسل، إلا أن متطرفي التنظيم المتشدد أبدوا استعدادهم لشن هجمات واحدة تلو الأخرى، مشبها تفاصيل الهجوم الأخير بنفس العمليات التي شُنت في نيس وبرلين، حيث لم يستند المنفذان على شبكات تدريب أو تسليح، ولم يكلفهم الأمر سوى الاستماع إلى بعض الدعايات التابعة لداعش المتطورة.

ويرى كاتب التقرير أنه مع زيادة الضغوط على داعش في العراق وسورية واقتراب القوات الحكومية من إنهاء وجوده، يظل خطر الانتقام من أعدائه قائما، وخاصة ضد الأهداف الغربية، مبينا أن التنظيم يتمتع بقدرة على تنويع مخططاته الهجومية وإدارة شبكاته الخارجية والداخلية.


لعبة شطرنج


استشهد التقرير بمقولة أحد المسؤولين الأوروبيين، بأن داعش يراوغ أعداءه تارة بالوقوع في الفخ والهزيمة، وتارة بصعوده على الساحة وإعلان انتصاره، مشيرا إلى أن التجنيد الإلكتروني سيكون بديل التنظيم في حال اختفى وجوده على الميدان، حيث إن العناصر الإلكترونية يصعب تعقبهم والكشف عن هوياتهم، الأمر الذي ينذر بإرهاب لا حدود له يتخطى المحيطات عبر أيقونة واحدة.