محسن شاب يمني صغير يشارك في برنامج من برامج الواقع التي تقدمها إحدى القنوات، صادفت مقطع يوتيوب يبكي فيه فاستوقفني، فحتى لو كان ما زال شاباً صغيراً فهو رجل والرجل لا يبكيه شيء هين.

شاهدت المقطع ووجدتني أبكي مع محسن ربما لأن اللحظة التي عاشها محسن جعلته غريبا وكل غريب للغريب قريب.

أقول لحظة لأن من المضحك أن نعتبر من ولد في السعودية غريباً عنها حتى لو أن أجداده من آخر الدنيا، فعلاقة الإنسان بمسقط رأسه ومنشأ طفولته وريعان شبابه قوية، فهي وطنه مهما قالت الأوراق غير ذلك.

أما بكاء محسن، فلأن زميلا له في البرنامج نهره لأنه يتحدث ويبدو سعوديا، ربما ذلك الشاب ما زال غير راشد لنحاكمه، لكنه وأقرانه من الشباب الصغار يعكسون واقعاً يساهم فيه الإعلام ووسائل التواصل ولا تكافحه المدرسة ولا الوعاظ على منابر المساجد.

في الحقيقة أن المقيمين في السعودية، وأعني من حضر بشكل قانوني وبموافقة حكومة المملكة العربية السعودية ممثلة بسفرائها، بل من ولد والداه في السعودية، بدأوا يعانون من تدني درجة التسامح والسبب الرئيس هو الإعلام.

الإعلام الذي يتحدث عن تحويلات مالية ضخمة وينسبها للمقيمين، وهذا تعميم ظالم، فجنسيات مثل اليمن ومصر وفلسطين لا تقوم جالياتها بذلك وهم متواجدون بيننا منذ أجيال، ولا أظن لدى غالبية هذه الأسر مكان غير السعودية يضعون أموالهم فيه، كما أن نسبة الجرائم إلى مجرم عبر ذكر جنسية بلده فيها إساءة للبلد، ولجالية خدمت المملكة بقدر عمر المملكة نفسها، بل إننا كمسلمين نرفض أن ينسب الإعلام الغربي الإرهاب للإسلام، ونقبل أن نفعل ذلك بيننا مما يظهر عدم منطقية ما يحدث.

أيضا يحاول الإعلام أن يصور مشاكلنا الاقتصادية كنتاج لوجود هؤلاء المقيمين القانونيين بيننا، وهذا غير حقيقي فبلد مثل بريطانيا يتواجد به أكثر من 7 ملايين مقيم غير قانوني، وأميركا كذلك، بل حتى الصين، ولَم يختزلوا مشاكلهم في وجود أناس بسبب خلل قانوني، فكيف بأناس يدفعون ثمن إقاماتهم ويعملون وليسوا عالة على أحد.

إن الشاب الذي آذى محسن وجعله يبكي، نمت عنصريته بفضل هذه الرسائل التي يمررها الخطاب الإعلامي غير المهني، الذي يضر بالتسامح الذي هو أصل في المجتمع السعودي وليس طارئا عليه. فالطارئ هو ما جعل فتى يبكي ألماً.