لا شك أن بناء دار عبادة للمحتاجين هو عمل إنساني فاضل، ولفتة نبيلة تعطي انطباعا رائعا عن المجتمع.
ولكن ما يحصل الآن وما نراه تجاوز كل الحدود المنطقية. مع الأسف، اختزلنا كل الأجر في بناء المساجد.
عندما تتجول في مدينة الرياض، ستفاجأ بوجود عدد كبير من المساجد الجديدة بنيت في مواقع مهمة، وعلى شوارع تجارية قد يصل سعر المتر فيها إلى آلاف الريالات، رغم أن مسجد الحي لا يبعد سوى مئات الأمتار عن المسجد الجديد، ورغم أن مسجد الحي لا يتجاوز عدد المصلين فيه سوى صف أو صفين.
نستطيع بقيمة هذه الأرض التجارية، وبقيمة بناء هذا المسجد الكبير توفير مساكن للمحتاجين. نستطيع بهذه الملايين شراء أجهزة طبية تحتاجها بعض المستشفيات داخل الرياض وخارجها. نستطيع بهذه الملايين إعادة بناء دار للعجزة أو الأيتام. نستطيع إنقاذ كثير من الأسر التي فقدت عائلها بسبب ديون مالية. نستطيع مساعدة كثير من الشباب على الزواج. نستطيع بهذه الأموال أن نعمل الكثير والكثير لمجتمعنا، فالناس لا تنقصها المساجد. واختزال الأجر في بناء مسجد ظاهرة غريبة.
ماذا لو كنت مريضا كبيرا في السن يتردد من مدينته الصغيرة إلى الرياض لعدم وجود جهاز لغسيل الكلى! هل سيبهرك موقع هذا المسجد وديكوراته التي كلفت الملايين؟ أم ستبهرك اللوحة التي كتب فيها «بني على نفقة فلان» أم ستقول: أين أنتم عني أيها الباحثون عن الأجر؟!