نسمع مؤخراً العديد من التصاريح التي تطالب بدخول مخيمات الفلسطينيين في لبنان ونزع سلاح الفصائل وتفكيكها بحجة محاربة الإرهاب، هذه الوسيلة التي استخدمها النظام السوري وتبعه بعدها كل من أراد قتل وحصار وتهجير المدنيين، ليساهم بتحقيق الإنجازات التي سعت ولاية الفقيه عبر الخميني وبعده خامنئي إلى تأمين الظروف المناسبة لتحقيقها.
عودوا بالتاريخ معنا اليوم في رحلة غير مشوقة إلى الأحداث في لبنان، عندما ارتكب حافظ الأسد أفظع الجرائم بحق الفلسطينيين في تل الزعتر، ومجازر الإسرائيليين بحق الفلسطينيين في صبرا وشاتيلا، وبعدها ما حصل من تمركز إرهابيين في نهر البارد بعد أن أخرجهم نظام الأسد من سجونه وسهل دخولهم إلى لبنان، فكانوا سبباً في تدمير المخيم وتشريد سكانه.
بعد أحداث السابع من أيار عام 2008، أي خلال اجتياح ميليشيات حزب الله الإرهابي العاصمة بيروت وأحياءها، حصل أن وقفت مخيمات الفلسطينيين في بيروت وصيدا بوجه الحزب، فبدأت المرحلة الثانية من الخطة وهي زعزعة أمن المخيمات، للتمكن منها بشكل أسرع عبر شق صفوفها، وبث الخلافات بين فصائلها، لتضعف فتسهل السيطرة عليها، فيكون سلاحها خارج المعادلة ما يعطي حزب الله فرصة ذهبية لفرض المزيد من السيطرة على لبنان، وتحقيق حلم خامنئي بدولة يحكمها من قم إلى شواطئ بيروت!
اليوم لا يجب أن نخفي خشيتنا الحقيقية من سلاح حزب الله، وأهدافه التي يطمح إلى تحقيقها عبر استخدام هذا السلاح في الداخل، فنراه متمسكا بسياساته، ولا يخشى القانون أو الدستور أو حتى القرارات التي يوجد عليها إجماع، فهو يريد لحزبه كل شيء على حساب ما تبقى من الدولة اللبنانية الهشة.
لا يمكن أن ننسى كيف ساهم حزب الله عبر سرايا المقاومة، بتوريط أحمد الأسير بحرب مفتعلة مع الجيش اللبناني، أدت في نهايتها إلى إنهاء حالة الأسير الذي حصد جماهير ومؤيدين في عدد كبير من المدن اللبنانية من صيدا إلى بيروت والبقاع والشمال، ما تسبب بخوف حقيقي للحزب من بقاء هذا الشيخ حراً، فصدر قرار بافتعال الاشتباكات واستهداف الجيش اللبناني لتوريط الأسير ومناصريه، فكانت خطة الحزب هي استهداف الجيش وعناصر الأسير بذات الوقت، ليشتبكوا ويتحول الأسير من شيخ وإمام مسجد بلال بن رباح إلى إرهابي فار من العدالة ومتهم بقتل عناصر من الجيش اللبناني.
لا يمكننا اليوم أن نثق بحزب الله، الذي أثبتت تصرفاته وسياساته، أنه خبيث بحجم خبث إسرائل في كافة مراحل صراعها مع العرب، لجهة استخدام سياسة «فرّق تسد»، وأن أفضل الخيارات المطروحة اليوم، هي إسقاط مشروع هذا الحزب وسحب سلاحه قبل التفكير حتى بالاقتراب من المخيمات الفلسطينية، التي قال نصر الله قبل معركة نهر البارد يوماً، إنها خط أحمر، لتكشف التسريبات أنها كانت جملة تسويقية فقط، بينما كان أول من بدأ القصف والاقتحام للمخيم ضباط وعناصر من الجيش، وتحديدا من الطائفة الشيعية من المقربين إلى حزب الله نفسه، فهل يتكرر التاريخ في نهر الحلوة أو مخيم البرج وإشعاله بتغذية الاقتتال فيه، لتكون كالضربة القاضية للطائفة السنية في لبنان، خصوصا بعد أن أكد الرئيس اللبناني عدم قدرة الجيش على القيام بدوره وإعطائه مرتزقة وميليشيا حزب الله صلاحية الدفاع عن الوطن، ليحوله إلى جيش وطني على حساب ما تبقى من كرامة وسيادة واستقلال وحرية وطن؟!
اليوم وقبل أن تكبر شرارة الخلافات في مخيم عين الحلوة أو البرج أو أي مخيم فلسطيني آخر على أرض لبنان، أدعو الفلسطينيين إلى عدم الانجرار أكثر باتجاه الفتنة، وتحصين أمنهم الداخلي ليبقوا هم ضمانة لبنان العربي القوي، بمواجهة المشاريع الفارسية المعادية للعرب، والتي تسببت بقتل عشرات آلاف السوريين واليمنيين والبحرينيين والعراقيين العرب، هذه المشاريع الإيرانية، التي استخدمت عرباً اعتبرناهم دائماً أشقاء، ليظهروا العداء لنا ويتحولوا إلى أعداء باعوا وطنيتهم وإنسانيتهم وكل المبادئ التي تربينا عليها، مقابل القليل من المال الإيراني، الذي حول شبابهم إلى مرتزقة، ورجالهم إلى قتلة، ونساءهم إلى أشباه الجواري، وأصبحوا يبيعون أبناءهم بأبخس الأثمان في حروب أساسها ومضمونها طائفي.
لا تسمحوا أيها الإخوة الفلسطينيين في مخيمات الشتات بأن يعيد التاريخ نفسه، فتجدوا أنفسكم بلا وطن ولا مخيم ولا حتى بندقية ومفتاح يذكركم بأن العودة إلى أرض فلسطين هي الحلم الذي سعيتم طيلة سنوات نضالكم من أجله، ولا تسمحوا لمن ساهم بشق صفوفكم في الماضي بأن يعيد تنفيذ المخطط مجدداً من بوابة عين الحلوة وبحجة محاربة الإرهاب.
وتذكروا دائماً أن من قتل العرب في سورية والعراق واليمن والبحرين ولبنان، لن يرحم أهلنا في فلسطين، وأن السيف الذي سلطته إيران على رقاب المسلمين العرب السنة في المنطقة، لن يرحم من هم داخل وسوف لن يبقى من المسجد الأقصى إلا ذكراه