أصبحت قريبا من اليقين بأن التقارير السنوية التي تقدمها بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية، تكتب على طريقة «كتّاب المعاريض»، أو بحوث مراكز خدمات الطلاب!.
فما يحويه بعضها من خطط وأهداف ومنجزات، لانشاهدها على أرض الواقع، بل إنها في بعض الأحيان تناقض ما نراه أمام أعيننا من إخفاقات، حتى في الأهداف التي صاغها الجهاز الحكومي لنفسه، ناهيك عن العجز في إيجاد الحلول المناسبة للقضايا والأزمات الطارئة.
يخيّل إليّ وأنا أتصفح بعض تلك التقارير، أن هناك وزارتين تحملان المسمى نفسه، إحداهما موجودة على أرض الواقع وفشلت في القيام بمسؤولياتها، وأخرى شبيهة لها بالاسم، قدمت أكثر مما يطمح إليه المواطن وصاحب القرار، لكنها موجودة على صفحات التقارير السنوية فقط!
ماذا يمكن أن نسمي تقريرا لإحدى الوزارات، يتحدث عن مهام الارتقاء بالاقتصاد وتطويره، وتحسين مستوى معيشة ورفاهية المواطن، وضرورة التوطين، بينما على الواقع ارتفاع في معدلات البطالة، واستعانة بخبرات أجنبية برواتب خيالية، ومعدل نمو اقتصادي دون المأمول، هذا غير الإخفاق المتوالي في سلسلة خطط التنمية؟!
التقارير السنوية الرصينة للجهات والمؤسسات الحكومية، يجب أن يكون إعدادها وفق قواعد يحكم محتواها الدليل الإرشادي لإعداد تقارير الأجهزة الحكومية، بحيث يتضمن الأداء السنوي بكل شفافية ووضوح وشمول، بما فيها الأهداف التي فشل في تحقيقها مع المسببات، بعيدا عن أسلوب الوصف والعبارات الإنشائية، أما التقارير التي تضخّم الإنجازات وتخفي الإخفاقات فهي أقرب إلى«سير ذاتية»!
ثم إنه من العجيب أن يُطلب من أي مؤسسة حكومية تقييم نفسها بنفسها، بينما من المفترض أن توكل هذه المهمة إلى جهاز مستقل كي يتحقق الهدف من تلك التقارير، تماما كما يحدث في الأنظمة المالية التي تشترط مراجعا خارجيا للتدقيق في القوائم المالية للشركات.
إذا كان الكل يرى ما لدى الوزارات من إنجازات أو إخفاقات دون الحاجة إلى قراءة تقاريرها السنوية، فما الداعي إلى تقارير تخالف الواقع وتقلب الحقائق؟!