تصاعدت وتيرة الأزمة بين تركيا وهولندا خلال الساعات الماضية، وبعد أن كانت محصورة في نطاق التصريحات والتصريحات المضادة، اتخذت أبعادا فعلية على أرض الواقع، حيث منعت السلطات الهولندية وزيرة الأسرة والسياسات الاجتماعية التركية، فاطمة قايا من دخول أراضيها، بعد ساعات من رفضها السماح لطائرة وزير الخارجية التركي مولود أوغلو، بالهبوط. من جانبها، اتخذت أنقرة خطوات تصعيدية مماثلة، قامت على إثرها بإغلاق السفارة والقنصلية الهولنديتين، معلنة عدم رغبتها في عودة سفير أمستردام.
وفي أحدث التصريحات وصف بيان صادر عن رئاسة الوزراء التركية التصرف الهولندي بأنه «فضيحة»، وأشار إلى أنه تم الاعتراض على هذا الأمر بقوة. وأضاف البيان «الأوروبيون الذين طالما تحدثوا عن الديمقراطية وحرية التعبير وحقوق الإنسان فشلوا مرة أخرى في هذا الامتحان». وتوعد البيان بأن السلطات التركية سترد على التصرف الهولندي «بأقوى شكل ممكن على هذه المعاملة غير المقبولة التي تعرضت لها تركيا ووزراؤها».
الترويج للاستفتاء
تعود أسباب الخلاف بين الدولتين إلى عزم أنقرة إيفاد عدد من مسؤوليها لمخاطبة الجاليات التركية المنتشرة في الدول الأوروبية وإقناعها بالتصويت في استفتاء مرتقب لصالح التعديلات التي تحاول الحكومة التركية إدخالها على الدستور، لزيادة صلاحيات الرئيس رجب إردوغان. وكانت ألمانيا قد رفضت مخاطبة أوغلو للناخبين، متذرعة بإمكان حدوث انفلات أمني في أراضيها بين مؤيدي التعديلات ومعارضيها، مما دفع إردوغان إلى التصريح بوصف قادة برلين بـ«النازيين الجدد»، وهو الوصف الذي رفضته المستشارة إنجيلا ميركل. كما اتخذت أمستردام نفس خطوة برلين، وقررت عدم السماح بهبوط طائرة وزير الخارجية التركي في أراضيها، وهو الموقف الذي اعتبرته أنقرة «إهانة لها ولمسؤوليها»، إلا أن أمستردام تمسكت بموقفها وزادت عليه بأن منعت وزيرة الإسكان التركية من دخول قنصلية بلادها، وأوقفت موكبها على بعد 30 مترا من المبنى، وأرغمتها على العودة إلى أنقرة. ورفضت رئاسة الوزراء الهولندية «أسلوب التهديد الذي تتعامل به تركيا».
تهديد ووعيد
أكد نائب رئيس الوزراء التركي، نعمان قورتولموش، في تصريحات صحفية، مساء أول من أمس، أن بلاده «لن تقف متفرجة على هذه الممارسات. وستتخذ من خلال الوسائل الدبلوماسية حملات مضادة للرد على المعاملة التي تعرض لها مسؤولوها. وسنقلب تلك المعوقات والتصرفات على أعقابها». وأضاف «ننتظر من الأصدقاء الأوروبيين أن يظهروا موقفا ضد هذا السلوك والموقف غير المقبول، ونأمل أن ينجحوا في ذلك».
كما أشار أوغلو إلى أن بلاده سوف ترد على هولندا بأضعاف ما قامت به من ممارسات. وقال إنه اتصل هاتفيا بنائب رئيس المفوضية الأوروبية، فرانس تيميرمان، واستنكر منع أمستردام الوزيرة من دخول قنصلية بلادها. وتابع «الأمر بدأ يخرج عن السيطرة، ولا نرغب في تصاعده أكثر ومستعدون لاتخاذ كل الخطوات اللازمة».
مظاهرات تركية
تظاهرت أعداد كبيرة من الجاليات التركية في عدد من عواصم العالم، رفضا لمنع الوزيرة من دخول هولندا، ففي هولندا استخدمت الشرطة الهولندية القوة لتفريق مواطنين أتراك تجمعوا في مدينة روتردام، للتعبير عن رفضهم لمنع الوزيرة التركية من الوصول إلى مقر قنصلية بلادها. مما دعا أنقرة إلى إصدار بيان طالبت فيه رعاياها المنتشرين بالدول الأوروبية «إلى التزام الهدوء، والتحلي بالوعي، وأن يكون ردهم على تلك الإجراءات في صندوق الاستفتاء يوم 16 أبريل المقبل. كما تظاهر أتراك أمام سفارة هولندا في أنقرة، وقنصليتها في إسطنبول، للتعبير عن رفضهم للممارسات الهولندية. وأغلقت السلطات التركية مساء أمس مداخل ومخارج سفارة هولندا بالعاصمة أنقرة، وقنصليتها في مدينة إسطنبول»لدواع أمنية»على خلفية التوتر بين البلدين. إلى ذلك انحازت السويد لهواندا وألغت عقد إيجالا عقار كان مقررا أن يلقي فيه مسؤول تركي خطابا انتخابيا.