لا يخفى على الجميع أن النظام الإيراني منذ ولادته عام 1979، وهو يحمل على عاتقه مشروعا في سياسته الخارجية الذي ينص على مبدأ تصدير الثورة الذي أثبت فشلاً ذريعاً في تصدير ثورته للدول، وخصوصاً في إفريقيا، فتصدير الثورة فكر أيديولوجي سياسي يلزمها بتصديرها إلى الدول والأقليات، فالمشروع الصفوي الوليد ذو الأطماع التوسعية الشرهة والمحمولة بقوة الدفع الطائفي أثبت فشله، وسأكشف لكم عدة أسباب ملموسة تدل على فشله سياسيا واقتصاديا ودينياً وثقافياً واجتماعياً:
أولاً: على الصعيد السياسي - فشلت السياسة الخارجية الإيرانية في مشروعها، وذلك على خلفية الانكسارات السياسية في إفريقيا منذ عام 2010، خاصةً عندما قطعت نيجيريا والسنغال وجامبيا علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، نتيجة ضبط هذه الدول شحنات من الأسلحة القادمة من طهران باتجاهها. كما تلتها مؤخراً مجموعة من الدول الإفريقية مثل السودان وجيبوتي وجزر القمر والصومال على خلفية ممارسات إيران والتدخل في الشؤون الداخلية للدول، ومؤخراً في 1 ديسمبر2016 اعتقلت السلطات الكينية في العاصمة نيروبي اثنين من الدبلوماسيين الإيرانيين، بتهمة جمع المعلومات للتحضير لعمل إرهابي، بعد ضبطهما وهما يقومان بتصوير السفارة الإسرائيلية. وفي عام2012 اعتقلت السلطات الكينية عنصرين إيرانيين من فيلق القدس، الفرع الخارجي للحرس الثوري، وهما كل من أحمد أبوالفتوحي ومنصور موسوي، بتهمة التخطيط لشن هجمات على مصالح غربية في كينيا، وحكم عليهما بالسجن مدى الحياة. وكانت كينيا أعلنت في نوفمبر 2015 عن تفكيك «شبكة تجسس إيرانية»، كانت تحضر لاعتداءات إرهابية في البلاد.
ثانياً: على الصعيد الاقتصادي - إن العقوبات التي فرضت على إيران على خلفية برنامجها النووي المثير للجدل كان لها أثر مباشر في أن تقوم بعض الدول الإفريقية في تنفيذ العقوبات على إيران، ففي هذا الإطار أوقفت جنوب إفريقيا وارداتها النفطية من إيران في عام 2012، وذلك على خلفية حزمة العقوبات الدولية المفروضة على برنامجها النووي.
ثالثاً: على الصعيد الديني والثقافي - إن المذهب السني هو المذهب السائد في إفريقيا، وهو قديم منذ دخول الإسلام في إفريقيا، فالمذهبان المالكي والحنفي يعدان من المذاهب الأساسية في إفريقيا في هذه الفترة بصفة عامة، فالمذهب الصفوي هو مذهب مبتكر جديد وليد ليس له قبول في إفريقيا لثلاثة أسباب رئيسية هي:
1- أنه جاء متأخراً، وليس له قبول في إفريقيا، وذلك لأن المذهب السني قد سبقه بعدة قرون. 2- لأنه يحمل أيديولوجيا وفكرا سياسيا بعيدا عن الدين، وإنما يرتدي رداء الدين الطائفي الصفوي، وأعطي هذا الفكر صبغة دينية، ولذلك أدرك مسلمو إفريقيا ذلك. 3- إن ثقافة الشعوب في إفريقيا تختلف اختلافا جذريا، ولا تتماشى مع مشروع ثقافة سياسة ولاية الفقيه، التي تعد ثقافة جديدة بمثابة بضاعة مغشوشة ليس لها قبول في ثقافة الشعوب الإفريقية. رابعاً: على الصعيد الاجتماعي - المجتمعات في إفريقيا ترفض رفضا باتا وقاطعا المذهب الصفوي، وذلك لسبب رئيسي لأنه يقوم على شتم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهناك سببان مهمان لرفض وعدم قبول هذا المشروع الإيراني بتاتاً في إفريقيا. السبب الأول هو أنه لا تخلو أسرة مسلمة في إفريقيا إلا وتجد أحد أبنائها اسمه أبوبكر أو عمر أو عثمان، أو تجد إحدى بناتها اسمها عائشة، فكيف يشتم المسلم نفسه أو شخصا من إخوانه أو أقاربه؟! وكيف يقبل بذلك؟. السبب الثاني أن الصحابة هم رمز تاريخي للهوية المسلمة الإفريقية، ولذلك تجد مسلمي إفريقيا يعتزون بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويضربون بهم الأمثلة، ويحرصون على الاقتداء بهم، ولا يرضون أبداً إهانتهم أو شتمهم، ولذلك يطلق أهل إفريقيا لقب (شاتمي الصحابة) على من يتبنى المشروع الصفوي لعدائهم لصحابة رسول الله. السبب الثالث أن المجتمعات في إفريقيا يحفظون ألسنتهم من شتم الآخرين، ويحرصون على احترامهم، ويرفضون (فكرة الشتم الصفة الذميمة)، فكيف بمن يشتم صحابة رسول الله الذين تكن لهم كل تقدير ومحبة قلوب المجتمعات الإفريقية خصوصا وقلوب المسلمين عموماً. فهذه الأسباب كفيلة بأن يرفض الشارع الإفريقي المسلم المشروع الصفوي الذي أثبت فشله الذريع في إفريقيا. ختاماً فإن مشروع تصدير الثورة الصفوية في إفريقيا خاسر خارجياً، وسينعكس ذلك على الداخل في إيران، وإن المشروع الإيراني بات يصطدم بواقعه المرير، وستعود إيران دولة محصورة في محيط إقليمها الجغرافي، وقد تواجه اضطرابات داخلية على ضوء أزمة اقتصادية خانقة نتيجة للسياسات الخارجية التوسعية الواهمة والفاشلة التي تصرف فيها الأموال الطائلة، إضافة إلى قمع وتعذيب النظام الفارسي للقوميات الموجودة في إيران وعدم إعطائهم كافة حقوقها كالقومية العربية والقومية البلوشية والقومية الكردية والقومية الأذريية والقومية التركمانية، مما قد يحدث هناك ثورة إيرانية شعبية داخلية جديدة تطيح بسلطة الملالي وتولد دولة مدنية جديدة متعايشة مع محيطها.