أشعر في بعض الأحيان، وكأن الحياة عبارة عن مدينة ألعاب كبيرة، لكن ليس بالضرورة أن يكون اللعب فيها ممتعا، كما هو إحساس الصغار عند لعبهم في ملاهي المدن الترفيهية!
وقفت أمس، أشاهد أطفالي وهم يلعبون في أحد الملاهي، ولا أعلم، لمَ كان لكل لعبة أراها مثيل في حياتنا نحن الكبار، فمثلا «الزحليقة» التي يبذل الطفل فيها وقتا لصعود السلم حتى الوصول إلى قمتها، ثم تبدأ رحلة نزوله عبر مجرى لا يستطيع الخلاص منه حتى يصل إلى الأرض!
هي تماما مثل «لعبة» الصندوق العقاري مع مقترضيه الذين أمضى بعضهم 12 عاما حتى يصل دوره ويتحقق حلمه بالحصول على قرض لبناء منزله. لكن عندما وصل إلى أعلى القائمة، وإذ بإدارة الصندوق «تزحلقه» إلى البنوك التي لا خلاص منها حتى يهوي إلى القاع!
أما المعلمون، فقدرهم مع وزارتهم مثل «الأرجوحة»، تارة يُدفعون إلى الخلف بأنظمة وانتقادات وأوصاف، آخرها قبل أيام من أنهم معلمون «غير حقيقيين»، وأخرى في الاتجاه المعاكس، مثل عودتها أول من أمس للتأكيد على أنها ومسؤوليها مع المعلم قلبا وقالبا. ولا أعلم هل يغطي التأمين الطبي للمعلمين الآثار النفسية التي تتسبب فيها تناقضات وزارتهم؟!
لعبة «سيارات التصادم» هي تماما مثل شوارعنا المخيفة والمليئة بالمآسي اليومية وسط غياب للتنظيم، حتى بدأت أخشى أن يصبح رجل المرور مثل بائع تذاكر اللعبة في تحصيله غرامات المخالفات!
هنالك لعبة تسمى «الكرسي الدوّار»، يجلس الطفل وسطها نشيطا، لكن مع أول استدارة يتغير الحال فيخرج منها مترنحا فاقدا توازنه. ومثل ذلك يحدث في بعض دوائرنا الحكومية التي يدخل إليها المراجع بكامل عافيته وقواه، ثم مع كثرة «اللف» بين مكاتبها يصاب بالدوار حتى أنه بالكاد يصل إلى سيارته!
الفارق بين ملاهي الحياة وملاهي الأطفال، أن الأخيرة يلعب فيها الطفل مستمتعا وبكامل إرادته، أما نحن الكبار فألعاب الحياة ندخلها رغما عنا، ومع علمنا بأنه لن ينالنا منها سوى التعب!.