كرَّس بيل جيتس، أغنى رجل في العالم، جزءا كبيرا من عمله الخيري من أجل تحسين الصحة العامة العالمية. ألقى جيتس خطابا في مؤتمر الأمن في ميونيخ الذي كان ينبغي أن يثير اهتمام الجميع. وأصر جيتس على أن قادة العالم يفكرون بطريقة مختلفة حول الصحة العامة والأمن الوطني. ولذا يجب عليهم أن يستمعوا.
في عام 2001 كان الإرهاب البيولوجي المفاجئ يمثل مشكلة أمنية حقيقية. فبعد هجمات الجمرة الخبيثة في ذلك العام أنفقت الولايات المتحدة مليارات الدولارات لتطوير وتخزين المضادات الطبية وبناء نظم الإنذار. ولكن في السنوات التي تلت ذلك ظهرت أحداث وفاة وأمراض ليست بسبب إرهاب بيولوجي، ولكن بسبب أحوال طبيعية، في سلسلة من التفشي: الالتهاب الرئوي الحاد، أو مرض سارس، وأنفلونزا الخنازير، والإيبولا، وغيرها. وبما أنه لا يمكن للعلاجات أو اللقاحات الحالية أن توقف هذه الوبائيات الخطرة، يثار السؤال: كيف يمكن للدول والمجتمعات الدفاع ضد هذه الموجات المتحركة بسرعة تجاه الخطر؟ ببساطة إنه من المستحيل، لأن وضع تدابير مضادة مقدما لكل تهديد محتمل سيكون مكلفا جدا. وعلاوة على أن العلاجات الفاعلة واللقاحات ووسائل التشخيص تتطلب فترات زمنية طويلة، في حين أن الوباء يتطلب الاستجابة السريعة.
يُصر جيتس على أن خطر الوباء يمكن اعتباره أمرا عاجلا وخطيرا مثل قضايا الأمن القومي الرئيسية. وغالبا لن ندرك هذا الحال إلا بعد فوات الأوان. لقد عانت نظم الصحة العامة، خاصة في الدول الفقيرة التي مزقتها الحروب طويلا، من نقص التمويل والإهمال. وأعلن جيتس «نحن نتجاهل بأن إهمال الأمن الصحي يعرضنا للخطر مثل إهمالنا الأمن الدولي».
الواقع أن جيتس على صواب بأن هناك الكثير مما يمكن القيام به قبل وقوع كارثة أخرى. وأشار إلى أن اللقاحات مهمة جدا للوقاية من الوباء، لكنها عادة ما تستغرق فترة تصل إلى 10 سنوات لتطويرها، ولكن التطورات الحديثة في علم «الجينوم» ستتيح فرصة لإنتاج اللقاحات في وقت أسرع. وجيتس محق أيضا في أن اللقاحات تحتاج لكثير من الدعم والبحوث لتصبح حقيقة واقعة. كما دعا إلى تكريس مزيد من الوقت والموارد التي يمكنها مراقبة ورصد تفشي المرض بصورة عاجلة. وأخيرا اقترح الإعداد لمواجهة الأوبئة بمثل الطريقة التي يستعد بها الجيش للحرب، من تمارين وتدريب مسبقة.
وقال جيتس «يمكنك القول إن علينا أن نفعل كل ما هو ممكن لجمع المعلومات الاستخبارية ووضع التدابير المضادة الفاعلة للحد من التهديد. بالطبع هذا هو الوضع الذي نواجهه اليوم من التهديدات البيولوجية. ونحن قد لا نعرف إذا كان هذا السلاح من صنع الإنسان أو من إنتاج الطبيعة. ولكن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يكون شبه مؤكد هو أنه سوف يحدث وباء عالمي فتاك للغاية في حياتنا».
(الواشنطن بوست) – الأميركية