قررت دول الخليج فرض ضريبة القيمة المضافة على السلع بنسبة 5%، وهي ضريبة تضاف في كل مرحلة من مراحل إنتاج وبيع المنتج، وتضاف بالنهاية على السعر الذي يصل للمستهلك.
ولا شك أن ارتفاع أسعار السلع سيكون نتيجة حتمية لهذه الضريبة، وفي المملكة العربية السعودية تذهب هذه الضريبة للهيئة العامة للزكاة والدخل، التي تحول بدورها من إيراداتها للضمان الاجتماعي الذي يخدم المواطن المحتاج، وهي سلسلة متصلة من المواطن وإليه. وقد أعلن عما يفوق 90 سلعة -وقد تصل لمئة- ستعفى من ضريبة القيمة المضافة، وهي سلع غذائية لم يتم إعلانها حتى الآن، وقد يبدو رقم 90 رقما كبيرا، لكنه لن يشمل السلع الأكثر حيوية بظني، إن لم يسهم في اقتراحه المختصون بالغذاء والأطباء، ويؤخذ رأي منتجي الغذاء ويتاح للمواطنين الإدلاء برأيهم. وإن شمل سلعا كالدقيق والسكر والقمح عموما مثلا، لكن السؤال عن المعيار المحدد لهذه السلع، وهل سيدخل بالحسبان السلع الصحية كالسكر البني، والأرز، والمعكرونة من القمح الكامل المرتفعة السعر بدون فرض ضريبة، ولو فرضنا عليها ضريبة لباعدنا بينها وبين المستهلك!
هذه نقطة أولى تجب مراعاتها، من خلال وضع السلع الصحية على رأس قائمة الإعفاء الضريبي من ضريبة القيمة المضافة دعما لصحة المستهلك، والأمر المهم الثاني مراعاة أصحاب الحالات الخاصة الذين يحتاجون سلعا معينة، كالذين يعانون أمراضا تمنعهم من الحليب ومشتقاته أو القمح ومشتقاته، أو مرضى السكر والضغط، وهم يشكلون فئة كبيرة من مجتمعنا اليوم وبحاجة لغذاء جيد يناسب أمراضهم، وكذلك غذاء المسنين والمكملات الغذائية المرتفعة الثمن أصلا!
بل نحتاج لدعم المنتجين، وهذا ما تسعى له الهيئة كما لمست؛ وعلى سبيل المثال سكر الفواكه في قسم الزراعة بالأحساء في ركنهم بالجنادرية، قدم عدة منتجات كبديل للسكر المكرر، ومنها إنتاجه من بلح البرحي بعد تجفيفه وطحنه كبديل ممتاز وغير مكلف لأنواع السكر الموجودة بالسوق ويمكن تصنيعه منزليا.
الفكرة لو تولت شركة إنتاج تصنيع هذا السكر وطرحه بشكل تجاري في السوق، ستكون دعما اقتصاديا وصحيا جيدا ومطلوبا، فيمكن للهيئة رعاية وتشجيع هذا الأمر من خلال الإعفاء الضريبي أيضا.
أيضا هل الضريبة ستكون على المستورد أو المنتج المحلي؟ ماذا لو أعفيت المنتجات الغذائية المحلية، خاصة التي تحتاج لدعم أو أسعارها مرتفعة، كتربية الأسماك على سبيل المثال، فلا تقارن بتصنيع مياه الشرب التي لو دخلت تحت هذه الضريبة، فلن تشكل فرقا كبيرا أو إضافيا على المنتج، وربما لن يشعر بها المستهلك ولن تشكل لديه فرقا، بل لديه بديل صحي آخر هو مياه التحلية المنزلية.
ميزة القيمة المضافة أنها تمر بسلسلة طويلة من المنتج حتى تصل للمستهلك، من التاجر أو المنتج أو الزارع الأول عبر رحلة مع تجار التجزئة، ومن جانب آخر حين تدخل بعض السلع المعفاة في عملية التصنيع لتصبح منتجا آخر، سيضاف لها بعض السلع غير المدعومة أو المفروض عليها قيمة مضافة؛ فهل فكرنا بالفئات التي لا غنى عن بعض السلع لها؟
السكر مشكلتنا المزمنة سأعود له يوما بمقالة أعمق، لكن التوجه لإنتاج الأغذية الممتلئة بالسكر وانتشار محلات بيع الحلويات في شوارعنا، مؤشر خطر على صحتنا، لأنها توحي باستهلاكنا المفرط للسكر الذي يقود للسمنة وللأمراض التابعة لها حتما!
صانع الغذاء الذي يضيف السكر بكميات مهولة لمنتجاته معضلة عالميا؛ فعادة ما يركز على الطعم الذي يسوق منتجه ولا تهمه صحة المستهلك، لكنه ينظر لما سيعود عليه من عائد يضاعف أرباحه!
ولا ننسى أن هناك الضريبة الانتقائية التي تعرفّها الهيئة العامة للزكاة والدخل على حسابها الرسمي بأنها: «ضريبة تفرض على السلع ذات الأضرار على الصحة العامة أو البيئة أو السلع الكمالية بنسب متفاوتة»، وهو جهد مشكور للهيئة يسهم في الحد من الأمراض التي تسببها هذه المنتجات بالحد من استهلاكها.
أخيرا السلع المتدنية التي لا تزيد أسعارها على خمسة ريالات وتمثل عماد محلات البيع بريال وخمسة ريالات أتمنى أيضا إعفاءها، لأن المستهلك محدود الدخل يعتمد على هذه المحلات كما تعتمد عليها دورة الاقتصاد.