أعلم أنكم قد تستغربون من الجمع بين مركزين، بدني وعقلي، لكن القاسم المشترك بينهما يعود بنا إلى أسس بناء هذين المركزين، ولماذا وما هي قيمة كل واحد بالنسبة للمجتمع الذي نعيش فيه، أما للمركز الأول فقد حملت طفلي بيدي لعرضه على طبيب الأطفال، باعتبار أن مراكز الأحياء الصحية افتتحت منذ فترة، وأعلن عن تخصيص مبلغ كبير على ضوئه، ولتصل إلى أكثر من 200 مركز جديد أعلنت في أواخر عام 1420، وقامت وزارة الصحة بافتتاحها تدريجيا حتى وصلت إلى أعالي الجبال في فيفاء وسهول تهامة، والتقيت نخبة من المشرفين عليها وشرحوا لي الحالة المرضية التي تعاني منها تلك المراكز وقلة الكفاءة الطبية، وأن هناك مشروعا تتم دراسته الآن للرفع به إلى مستوى يليق بمملكة الإنسانية، التي تُنشئ مئات المستشفيات في الخارج، إغاثة مشكورة للإنسانية، وأطلق مركز الملك سلمان للإغاثة لهذا الغرض، فمتى تنهض وزارة الصحة بانتفاضة عاجلة لإعادة تأهيل تلك المراكز وتجديدها ورفع فئتها إلى فئة المستشفيات الراقية، حتى تصبح هذه المراكز ذات فندقة عالية، مقارنة بالفنادق ذات النجومية العالية، يتحدث عنها المواطن في كل مكان، ويفخر بمنشأة صحية على سفوح جبال تهامة على فرضية ضرب الأمثلة، ليستغني المواطن عن قطع المسافات للبحث عن مستشفيات تخصصية، وتكلفة عناء البعد عن أُنس الأهل في كثير من الحالات.

الذي جعلني أقوم بعمل مقارنة سريعة بهذه المراكز التي تهتم بالأبدان، مع تلك التي تهتم بفكر الإنسان وتوجيهه، فهي أن مراكز المناصحة التي أقامتها الدولة لإعادة التأهيل لفئة تورطت بالفكر الضال فتلّوث الفكر أو جنح بهم الحال إلى البعد عن الفكر السليم، فقد جاءت هذه المراكز لعلاجها ولتعُنى بفئة غالية على قلوبنا أدركتها «رحمة الله»، أن تعود إلى الفكر السليم، ووجدت مركز تأهيل يفوق المراكز الصحية ذات الطب البشري، إلى فكر يعالج الروح والهمسات النفسية والاجتماعية، التي تختلج في عقلية بعض شبابنا، هداهم الله، مما جعلهم يسلمون أنفسهم لبعض المغرضين والحاقدين على هذه العقيدة وأهلها، والذين زرعوا الفتنة في نفوس نسبة ضئيلة جدا ممن غررّ بهم، ليصبحوا ضحية يوما من الأيام، وخرجوا إلى مناطق الصراع.

 إن ميزانيات هذه المراكز جعلتها الدولة في مركز تتباهى به أمام المنظمات الدولية، وتحاول تقليده لتصنع مثيلا له، لكنها عجزت عن ذلك، لأن مراكز الفكر والمناصحة والتأهيل والرعاية، جعلت لمن أراد أن يستفيد محطة روحانية ومراجعة لتبّدل الحال ومعاهدة النفس على تجديد الولاء والطاعة، وعدم الاستسلام لتلك التيارات التي تطلق في مواقع الإنترنت سمومها، لتقذفنا بحمم من الأفكار الضارة، التي تعّلق بها بعض الشباب ورجعوا إلى وطنهم بحمد الله، ووجدوا الصدر الحنون والقلب الكبير في الوطن الواحد، واللحمة الواحدة، وهذا ما ذكره بعض المستفيدين من مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة، فكان علاجا فكريا يضاف إلى منجزات الدولة التي ترعى الإنسان بدنيا وفكريا، ويحق لنا أن نقول إن أبناءنا بين مركزين، كلاهما يتوجه لبناء الإنسان ذهنيا وبدنيا، ليعيشوا حياة سعيدة مع أهلهم وذويهم، سعادة يفرح بها الوطن للعودة إلى الإنتاج والعطاء من جديد.