الدفاع عن الوطن لا يقتصر على السلاح والعتاد، بل تدخل الكلمة كمحارب قوي يزلزل كيان الأعداء متى ما أحسن الكاتب تسديد سهام حروفه لتخترق فكر العدو فتكشف خبثه أو ضعفه، وكم من معركة حققت الكلمة فيها النصر، وكم من أزمة مرت على شعب وكانت الكلمة وسيلة التطمين والقوة التي ساعدت على الصمود، وإذا كان الجندي مجاهدا فالكاتب كذلك، وإن اختلف العتاد، وبحكم الموقع فهو الأقرب إلى الإنسان البسيط الذي يتأثر بالأحداث ويجهل الكثير من مكايد الحروب، والتي تنعكس سلبا على حياته وقد تدمرها إن لم يفطن المجتمع لذلك الأمر.

ما أثار أهمية الكلمة وأربابها في ساحة المعارك، هي تلك الزيارة المهمة التي قام بها وفد من المثقفين والإعلاميين لمنطقة نجران، وإن كان الهدف الأول هو مساندة الجنود الأبطال على الحدود، إلا أن أهل المنطقة استشعروا الألفة بوجودهم وأن هناك من يتشارك معهم الهم والاهتمام بوضع المنطقة وما مرت به خلال الفترة الماضية من ظروف لا نستطيع أن نقلل من خطورتها وما تركته من أثر، وهذا أمر طبيعي، خاصة ونحن نعيش -بفضل الله- الأمن والأمان، ولم نعتد على هذه الأحداث لولا أننا أقحمنا في هذا الأمر الذي استدعى الاستنفار لحماية أرضنا من اعتداء غاشم كان يخطط العدو للقيام به.

وإن كانت الدولة -رعاها الله- تحرص كل الحرص على توفير أقصى درجات الأمان من خلال أفراد الجيش والقطاعات الأمنية الذين نعجز عن وصف اعتزازنا بهم، كيف لا ونحن من لمس تضحياتهم وبطولاتهم عن قرب، إلا أن لهذه الزيارات وقعا خاصا، فهي ترفع الروح المعنوية لدى الجميع، سواء أفراد الجيش أو المواطنين، وأعتقد أن هذا الأمر واجب وطني لا يقوم به الإعلاميون والكاتب فحسب، بل جميع الفئات ممن يستطيعون القيام بزيارة هذه المواقع، وإن تعذر عليهم ذلك فمشاركة ذوي المرابطين على الحدود السؤال والاهتمام واجب أيضا، فهو يساعد في تخفيف معاناتهم مع الخوف والانتظار وحتى التوقع لما سيكون عليه الغد، والحقيقة أن زيارة الوفد كانت إيجابية جدا حتى وأن تأخرت، وهذا لا يعني أننا نريد منهم الإشادة بصمود المواطنين لأن هذا واجبهم، ولأنه ليس من الشجاعة التواري والخذلان، وما هو ملاحظ في المنطقة أن الجميع من الأمير إلى الرجل الطاعن في السن والطفل الصغير يؤدون مسؤولياتهم ويمارسون حياتهم بشكل طبيعي جدا، ولله الحمد، لكن يحتاجون فقط مشاركة وطنية من أشقائهم في أرجاء الوطن الغالي.