في 29 نوفمبر 1947 وبحكمة جماعية، خططت الجمعية العامة للأمم المتحدة عبر القرار رقم 181 لتقسيم فلسطين إلى دولتين مستقلتين- دولة إسرائيلية، وأخرى فلسطينية.
وخصصت خطة التقسيم 55% من الأراضي التي تُشكل فلسطين أصلا إلى المستوطنين اليهود الذين يُشكلون نحو 30% من السكان، و45% للفلسطينيين الذين يُشكلون 70%.
وقد أرست الخطة حدود الدولتين، عربية ويهودية جديدة، ومساحة للقدس التي تقرر أن تُدار من قبل الأمم المتحدة في ظل النظام الدولي. ولم تلق خطة الأمم المتحدة لإقامة دولة إسرائيل في الأراضي الفلسطينية معارضة من الفلسطينيين فحسب، بل من جميع الدول والشعوب العربية.
وفي غضون أشهر من قرار الجمعية العامة وقبل تأسيس دولة إسرائيل، قام المستوطنون اليهود بالعديد من الهجمات على الفلسطينيين، بتفريغ قراهم وهدمها. ورافقت الهجمات فرق من رسامي الخرائط أُرسلت لإعطاء المدن والقرى المهجرة أسماء عبرية جديدة. وأعادت تسمية الأنهار والتلال، بشكل يبدو أنه محاولة لمحو كل ما تبقى مما له علاقة بالفلسطينيين، من مساكن وتاريخ وثقافة.
ومنذ ذلك الحين، استمرت إسرائيل في إقامة المستوطنات غير الشرعية على الأراضي الفلسطينية، التي لا تزال تحتلها وتعمل بإصرار على مصادرة وامتلاك مزيد من الأراضي والمنازل الفلسطينية بطريقة غير مشروعة. ولجعل الأمور أسوأ، أصدرت إسرائيل قانونا جديدا في يناير 2017، يمنح بمقتضاه أي مواطن/مواطنة إسرائيلية الحق في الاستيلاء على أي أرض سكنية أو بستان فلسطيني في الأراضي المحتلة.
اليوم، أصبح وضع قيام دولة فلسطين هشا ولا توجد مؤشرات جادة لقيامها، حيث تحتل إسرائيل بشكل غير قانوني الآن 22.6% من الأراضي المخصصة أصلا لدولة فلسطين، وما زالت تواصل الضم غير الشرعي للأراضي الفلسطينية. كما تفرض إسرائيل قيودا على المياه التي يستهلكها الفلسطينيون في الأراضي المحتلة، وتمنع بناء أي منازل جديدة للفلسطينيين الذين يعيشون في هذه المناطق.
وعلى الرغم من أن الأمم المتحدة قد دانت مرارا وتكرارا بناء إسرائيل للمستوطنات، باعتباره أمرا يُشكِّل انتهاكا لاتفاقية جنيف الرابعة، إلا أنها لا تزال مستمرة في توسيع برنامجها لبناء المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية. ويعيش الفلسطينيون اليوم في ظروف مماثلة لتلك التي كان يعيشها غير البيض في جنوب إفريقيا في عهد الفصل العنصري في ذلك البلد.
ولوضع حد لنظام الفصل العنصري الشرس في جنوب إفريقيا، كان لا خيار لبلدان وشعوب العالم سوى فرض مقاطعة البضائع والخدمات في جنوب إفريقيا واستمرت تلك المقاطعة حتى تم تفكيك هياكل الفصل العنصري تماما.
اليوم، يواجه العالم وضعا مماثلا لعنصرية جنوب إفريقيا في فلسطين، حيث تم وضع نظام من القوانين لضمان الفصل الصارم بين الناس، والذي يتيح هيمنة الأقلية الإسرائيلية. لقد حان الوقت لإنهاء هذا الفصل العنصري الجديد. وحان الوقت أيضا للدعوة إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية حتى يعود النظام الإسرائيلي المتعنت إلى رشده.