جوار البحر الطاعن في حلمه العسلي، الغارق والمبتل برهافة عشب اللؤلؤ والأصداف، كانت جازان تسهر مع شقائق المرجان، وتعاقر رعشات الضوء الفاتن، والإبحار الشاهق نحو عناق آسر بين مطالع التميز وحرير الإبداع، مدينة لا تتعب من النجاح والتفوق والحضور الإكسيري، دافقة كعطر المجرات منذورة في الفضاء كأصابع النهار، مورقة كهزة السنبلة، تابعت صعود تلك المصابيح على منصة التتويج لاستلام «جائزة جازان للتفوق والإبداع» في عامها الحادي عشر، أربعون كوكبا كانت تسير في ذلك المساء في دروب الإنجاز والطموح، وشرفات المستقبل ومشارف الحياة، كانت وجوههم مكللة بالضوء والحلم وعبق التجليات، أربعون كائنا من العشق تدب على المسرح كالسحائب الممطرات على رؤوس الجبال وأكتاف الريح، وكهديل الحدائق المشرعة أبوابها للشمس واليمام، جائزة تؤثث مرقاها الإبداعي وجمالياتها المعرفية من خلال محاضنها «الثمانية»، «فرع القرآن الكريم والسنة النبوية، الشخصية الثقافية والعلمية، الأداء المتميز،التفوق الدراسي، الإبداع الأدبي والفني، الابتكارات وريادة الأعمال، البحث العلمي، حماية البيئة»، يقول الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز، أمير منطقة جازان ورئيس مجلس أمناء الجائزة: «لقد قطعت جائزة جازان للتفوق الإبداع شوطا كبيرا ومتميزا في خدمة أبناء وبنات المنطقة المخلصين في أعمالهم، والمبدعين في أفكارهم وتجاربهم، ولأننا في جازان نستشعر عن إيمان عميق أهمية التطوير والبناء المتواصل، فقد تمكنت الجائزة من تطوير خططها ولوائحها وآليات الترشح لها، بما يواكب المستجدات في شتى المجالات وحاجة المجتمع كذلك، الأمر الذي جعل الجائزة تحظى بصيت متميز في المحافل، وباتت محط أنظار الجميع، ومطمحا للتنافس عليها والفوز بها».

لقد تابعت مسيرة هذه الجائزة والتي أصبحت موعدا سنويا للاكتمال الإبداعي، نتيجة لبنيتها العميقة والكامنة في موسوعية مجالاتها ومعطياتها، وكثمرة ناضجة لقوة مجلس أمنائها «العشرة» وأعضاء مجلس إدارتها «العشرين»، وكم أسعدني ذلك المساء حين ضجت ساحة الحفل بالتصفيق، لبطل العملية الأمنية بحي «الياسمين» بالرياض «جبران عواجي»، ليتم تكريمه ضمن المكرمين، وتذكرت ما قاله الشاعر «حيدر العبدالله عن جبران» بروحه حين حمى أرضه.. وروحه حين فدى إخوته... ما خانه صوتها عند اللقا ولم يخن نخوته»، ولا أنسى ذلك الموقف العاطفي النبيل، الذي جسده الشاعر «مفرح الشقيقي» حين استأذن أمير المنطقة لتستلم والدته الجائزة التي فاز بها في مجال الشعر، عن ديوانه «تقاسيم على مقام الحب»، وأخيرا أخي الأستاذ الدكتور «عبدالله الحسين» أمين عام الجائزة، أبارك لك هذا الحضور المبهج، وذلك التعب الجميل، ولتلك المنظومة من الشباب المتطوعين، والمنتشين بشغف مع احتفاليتهم وطفرات وفائض نجاحهم في التنظيم والمتابعة.