شكرا إلى من منحني «حياة أخرى موازية»، وأخذ بيدي إلى عوالم «الصمت» الآمنة، وأسبغني شرف «معرفة» التواصل مع الجمادات والأماكن والجدران الصامتة والكائنات الأخرى الشقيقة المقيمة بجانبي وأمامي، وأن أنال قدسية «ملائكية» التأمل العظيمة.

عجبا، كيف لي أن أشعر «بغربة» وكل تلك العوالم تطوف أمام ناظري دون أن أستشعر ذلك! هكذا كان حديثي لذاتي أمام المرآة!

التأمل سباحة في محيطات عقل «محتج»، ومحاولة «إذابة» إحساس جمده الضجيج! هو رحلة كبرى «هاربة» عن صغائر تزاحم الفكر في بقائه متقدا حائما حول حمى الحقيقة! يقودك حتما إلى رؤية الأشياء من أعلى على حقيقتها، «صغيرة» لا تستحق كل هذه الآلام والعثرات والصراخ والخيبات وفداحة الأفعال ورماح ردودها!

لأن أسعف «نملة» مكافحة متعثرة في سبيل الحصول على رزقها، لهو من أسعد لحظاتي الباقية الخالدة. أن أقبّل جدارا صامتا كاتما لأسرار العابرين، لهو أجمل من قبلة «مجاملة» باردة في مناسبة اجتماعية عابرة!

على شرف التأمل أقمت مأدبة حافلة لكل حجر ملقى في هذا العالم، تكريما لإخوتها في التكوين، المناصرة لأبناء فلسطين في حربهم الباسلة مع الاحتلال!

نحن الإنسان المكرم بعقله وكبريائه، أجزاء صغيرة في منظومة ربانية مهولة، تشاركنا في العيش بتفاصيلها كل هذه المخلوقات الحية التي استطاعت إدارة شؤونها بتنظيم يفوق الإنسان بعقله وعنفوانه.

لا بطالة في «ممالك النمل»، ولا أزمة سكن «لأسود الغابة»، ولا توجد تصريحات حول «نتيجة مطاردة توم لجيري»! ولم يُروَ بعد عن تعليق «التحليق» للطيور بسبب غزارة الأمطار!

حقيقة، كم أنا ممتن لك أيها التأمل الصديق «الواعي»، فقد نلت معك شرف معرفتي لعوالم أحتاجها كلما «تصحر» الواقع، وازداد الضجيج القاتل، الطارد لكل الأصوات الجميلة، أحتاجك أيها التأمل لأبدو إنسانا حقيقيا!.