عندما نتحدث عن المسؤولية الاجتماعية فنحن نتحدث عن واحدة من أهم دعائم الحياة المجتمعية الضرورية. لكن لماذا؟ لسبب بسيط وهو أن تحمل المسؤولية الاجتماعية يعد سبيلا من سبل التطور والتقدم الفردي والاجتماعي المنشود، والقيمة الحقيقية لأي فرد في المجتمع، إنما تقاس بمدى تحمله المسؤولية تجاه نفسه وتجاه الآخرين؛ فالأفراد والمنظمات يقع على عاتقها العمل من أجل صالح المجتمع ككل. بالتأكيد كلنا يدرك أن المسؤولية الاجتماعية تمثل جزءا أصيلا وأساسا ثابتا من تعاليم ديننا الحنيف (كلكم راع وكل مسؤول عن رعيته)، كما أنها تعد مكونا أخلاقيا في أعراف وتقاليد كل بلد. إن تحمل المسؤولية الاجتماعية صفة من الصفات التي يجب أن يتحلى بها كل فرد يريد أن ينهض، لأن نهوض المجتمع متوقف على نهوض أفراده، فإن استطاع كل فرد أن يتحمل المسؤولية ارتقى المجتمع وتساند، أما إذا كان أفراده غير قادرين على تحمل هذه المسؤولية، فإن ذلك يؤدي إلى تكوين مجتمع اتكالي يعزو مسؤولياته إلى غيره من المجتمعات، وتهاون الأفراد في مسؤولياتهم وعدم إدراكهم الواجبات الاجتماعية، من شأنه أن يؤدي إلى تمزق الروابط والصلات بين أفراد المجتمع الواحد. ونحن عندما نرى تنامي السلوكيات الخاطئة كالفساد مثلا، أو ظهور المشكلات الاجتماعية كالفقر بشكل ملفت للنظر، فإن هذا يدل دلالة أكيدة على أن أفراد هذا المجتمع لا يؤمنون أو لا يعتقدون بأن هناك مسؤولية اجتماعية يجب أن يقوموا بها على أكمل وجه، وهنا يجب أن نضع المزيد والمزيد من علامات التعجب والاستفهام.

من الجوانب المهمة -أيضا- في المسؤولية الاجتماعية، ما يتعلق بالجانب الشخصي، فالفرد مسؤول عن نفسه وحياته، كذلك جانب الأسرة والأبناء ويتضمن مسؤولية الفرد نحو أسرته برعايتها وحمايتها وتربية أبنائها وتثقيفهم، والعمل على تماسك الأسرة. كذلك جانب البيئة والمصلحة العامة، ويتمثل في مسؤولية الفرد عن حماية بيئته الخاصة والعامة، والمحافظة على نظافتها وصيانتها. وهنا نصل إلى سؤال مهم للغاية، ألا وهو كيف ننمي المسؤولية الاجتماعية لدى أبنائنا؟ المدرسة التي يرتادها أبناؤنا كل صباح، والمسجد والمنزل، بإمكان هؤلاء الثلاثة صناعة جيل جديد يؤمن بعظم وأهمية قيامه بمسؤولياته الاجتماعية، لا سيما أن هذه المسؤولية ليست ترفا وإنما ضرورة ملحة لقيام المجتمع السوي.