لا يزال هاجس الإبعاد من الأراضي السورية يطارد قادة وجنود ميليشيا حزب الله اللبناني الذي يقاتل بشراسة مع قوات الأسد، ضد فصائل المعارضة المسلحة، في مختلف القرى والمحافظات السورية، في وقت باتت فيه فكرة إقامة منطقة عازلة داخل مثلث الحدود السورية الأردنية التركية أقرب إلى خطط الإدارة الأميركية الجديدة عن سابقاتها. وكانت قيادات رفيعة داخل الميليشيات قد اعترفت مؤخرا بوجود نفوذ روسي غير مسبوق داخل الأراضي السورية، فضلا عن تزعم موسكو لعمليات المصالحة التي جرت بين فصائل المعارضة المسلحة والنظام في عدة قرى، على غرار اتفاق عين الفيجة في وادي بردى، بينما حاول عدد من جنود حزب الله منع الضباط الروس من دخول القرية دون جدوى. وبحسب عدة وسائل إعلامية، فإن إيران أوعزت بشكل صارم لحزب الله بعدم مضايقة الروس في تحركاتهم العسكرية والميدانية، وهو اعتراف ضمني بوجود هيمنة روسية على حساب الوجود الإيراني في سورية، وأن طهران بصدد البحث عن مخارج عاجلة للخروج من ورطة النفوذ الروسي.


استباق النفوذ

تأتي المخاوف الإيرانية، بعد معلومات تناقلتها فصائل معارضة عدة، عن وجود كتيبة روسية منتشرة في وادي بردى الذي تشرف وتسيطر عليه ميليشيا حزب الله بشكل مباشر، وتعد من المناطق التي بسطت نفوذها عليها في ريف دمشق خلال الآونة الأخيرة، مؤكدة أن هذا الانتشار الروسي ما هو إلا استباق للسيطرة على كافة الحقول النفطية داخل البلاد ومشاريع التنقيب المستقبلية. وفيما بسط الروس سيطرتهم على ريف دمشق، تبقى محافظة الرقة وهي آخر معقل لتنظيم داعش، تحت نفوذ الأميركيين الذين باتوا يبحثون خططا جديدة لتحريرها بالتعاون مع أنقرة، ونقض الخطط السابقة التي أعدت من قبل إدارة باراك أوباما وتنص على ضرورة مشاركة الأكراد في عملية تحريرها.


تصريحات تصعيدية

تتحدث مصادر مقربة من النظام السوري وحزب الله، أن قادة الحزب المذهبي لم يكونوا على علم بالاتفاق الذي تم بين موسكو وطهران في مدينة حلب، الذي نتج عنه إخلاء كامل الأحياء الشرقية للمدينة من فصائل المعارضة المسلحة، بدليل أن ميليشيات حزب الله والنظام حاولوا أكثر من مرة تعطيل اتفاق الهدنة وقصف بعض قوافل الإغاثة احتجاجا وغضبا على التحركات الخفية التي تمت دون علمهم. ودأب حزب الله اللبناني على تغطية تدخله في سورية بغطاء مقاومة الإرهاب، من أجل التعبئة الجماهيرية لصالحه، فيما صرح المتحدث للحزب قبل أيام بأن الميليشيا لن تخرج من سورية حتى تضمن بقاء الأسد في السلطة، إضافة لتصريحات زعيم الحزب، حسن نصر الله التصعيدية ضد إسرائيل، وهو مؤشر رآه مراقبون تبريرا لأي اتفاق عاجل قد ينتج عن بعض التحالفات المفاجئة، ويطالب في بنوده الميليشيا بالخروج من الأراضي السورية.