تناقلت وسائل الإعلام العالمية، فضلا عن المحلية، منح جائزة جورج تنيت لولي العهد الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية، وهي الجائزة التي قامت إدارة الاستخبارات المركزية الأميركية بمنحها، لما تمثّله المملكة من تَميّزْ في الحرص على ثبات الأمن والسلم الدوليين ومكافحة الإرهاب، والذي امتاز باختيار الزمان والمكان، فالمكانة التي تحتلها المملكة في العالم لها مدلولات عالية على الاعتراف الدولي بأن المملكة تحارب الإرهاب وتنبذ العنف والغلو والتطرف، وللمواقف التي ساعدت بها دولا، كالولايات المتحدة وبريطانيا، في كشف الأسبقية لحدوث أعمال التفجير في داخلها، وهذا ما يميز الاستخبارات السعودية وقوة أمنها.
في ذات الوقت عانت المملكة من لظى الإرهاب والتفجير من فئات ضالة عبر عقد من الزمن أو يزيد، ولكن اليقظة والعيون الساهرة لرجال الأمن بتوفيق الله، مكنتها من دحر هذه الفئات وكشفت مخططاتها، مع أن هذا المنح للجائزة تزامن أيضا مع إعلان الولايات المتحدة الأميركية أن إيران هي راعية الإرهاب في العالم، ليأتي الزمان ببراهين مؤكدة على أن ما يحدث من بؤر إرهاب وحروب في المنطقة تقف وراءها إيران، التي أعلنت ذلك مرارا حتى في لهجة التصَّعيد الأخيرة، التي تصرخ بها إدارة طهران تجاه الولايات المتحدة والخليج والشرق الأوسط، فإذا سألنا أنفسنا لماذا الجائزة للسعودية؟ تأتي الإجابة بكل وضوح، وهي أن المملكة وشخصية الأمير محمد بن نايف، وهو من قهر الإرهاب لفترة طويلة حتى طال الأمير نفسه، عندما تعرض لحادث التفجير الذي وقع في جدة في الخامس من رمضان 1430، فهل يتبادر إلى الذهن أننا في السعودية ندعم الإرهاب وقد اُبتلينا به، وهذا ما عرفه القاصي قبل الداني؟ ثم لماذا السعودية تحصد الجائزة؟ لأنها الدولة التي مّدت يدها للآخر لإثبات حسن النوايا مع كل دول المنطقة بما فيها إيران، إذ يقول وزير الخارجية عادل الجبير في أحد مؤتمراته "متى ما رفعت إيران يدها عن التدخل في شؤون الآخرين، وتحديدا دول الخليج ومنها السعودية، عندها سنفكر في ترتيب المواقف من جديد". وعندما تأتي أكبر منظمة دولية وتمنح جائزة البراءة والتميز، فإن ذلك يفرح كل مواطن، ويؤكد له أن قيادته تحظى باحترام دولي وعالمي، إذ جعلوا بلادهم يتحدث عنها الحق حتى وإن كان من الآخرين، مع أننا لسنا بحاجة إلى تبرئة من أحد، فنحن واثقون أن أمننا قوي برجاله، ودفاعنا قادر على رد المعتدين، ولن نسمح لكائن من كان أن يقلّل من قيمة قدراتنا ولله الحمد، بقي أن أقف بإلماحة على خط شخصية سيدي ولي العهد الذي يفعل أكثر من أن يقول، إذ أعلن خلال الاستلام لميدالية جورج تنيت للعمل الاستخباراتي المميز في مجال مكافحة الإرهاب، أن هذا الاستحقاق جاء تقديرا للمكانة التي تتبوأها المملكة في كافة جهودها الرافضة للإرهاب وإدانتها الشديدة وشجبها له، ولشجاعة رجال الأمن وتعاون المجتمع بكافة أطيافه في هذا العمل الكبير، ويبقى الدور على المخلصين من أصحاب الفكر والقلم، أن يتولوا نقل هذا التميز وهذا العمل الناجح بقيادة أمناء هذا الوطن ورجالاته، والعمل سويا من أجل كشف المخربين ومن يريدون سوءا بالمنطقة كلها، وليس في الخليج أو السعودية فقط، وأختم بأننا سنظل في السعودية خلف رجال أمننا الأوفياء، وهم الذين استحقوا هذا الوسام في شخصية ولي العهد ورجل الأمن تحت قيادة ملك الحزم والعزم، وستظل بلاد الحرمين عصية على الإرهاب وصُنّاعه في كل ربوع العالم، ما دام المواطن يده في يد قيادته عبر سفينة الوحدة والألفة والمحبة، ومبروك الجائزة.