أثناء زيارة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لجمهورية الصين الشعبية في نهاية شهر أغسطس من العام الماضي، نشرتُ على مواقع التواصل الاجتماعية الصينية بمناسبة الزيارة، لتوضيح مدى التعاون ما بين السعودية والصين في مجال مكافحة الإرهاب، وما أن أطلقت المنشور حتى هاجمني بعض الأشخاص الذين قالوا: كيف للسعودية أن تتعاون مع دول أخرى في مجال مكافحة الإرهاب وهي من الدول الراعية للإرهاب؟ نسي هؤلاء قبل أن يسألوني أن يسألوا أنفسهم لماذا السعودية هي أكثر الدول المتضررة من الإرهاب؟ ولماذا أكثر منفذي عمليات الإرهاب داخل السعودية أو خارجها لهم علاقات واتصالات وزيارات إلى إيران؟ وتجاهلوا عن عمد أن السعودية هي من أكبر الدول المحاربة للإرهاب، وهي من بادرت باقتراح إنشاء مركز متخصص لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأمم المتحدة، ودعمته فورا بـ110 ملايين دولار. ولديها العديد من الإنجازات الأمنية في مجال مكافحة الإرهاب والتي لا يسعني سردها في هذا المقال.
هؤلاء الأشخاص هم صورة مصغرة للواقعين تحت تأثير الإعلام الكاذب الذي ينشر الأباطيل متهما السعودية بالإرهاب لأهداف سياسية دنيئة، هذه الاتهامات زادت حدتها مع إقرار الكونجرس الأميركي لقانون جاستا، ورغم أن القانون لا يشير صراحة إلى السعودية إلا أن الإعلام العدو استغله لربط أحداث 11 سبتمبر بالسعودية، وروج عبر صحفه وقنواته أن السعودية هي أكثر الدول المتضررة من فرض هذا القانون.
البيت الأبيض هو أول من اعترض على هذا القانون خشية تبعاته إثر سياسات أميركا التدخلية التي انتهجتها منذ الحرب العالمية الثانية تجاه العديد من الدول تحت ذرائع مختلفة، وكل دول العالم استنكرت فرض قانون جاستا الذي يهدد سيادة الدول وحصانتها، وعلى رأسها جمهورية الصين التي وصف إعلامها الرسمي القانون بأنه تصرف خاطئ ويثير الشكوك.
ورغم أن قرار ترمب بحظر دخول رعايا 7 دول إلى أميركا قرار غير إنساني وعنصري، ويخالف قوانين حقوق الإنسان، إلا أن الإعلام العدو لم يستهجن هذا القرار ويناقش القضية من الناحية القانونية والإنسانية، بل كل ما أثاره وناقشه هو: لماذا السعودية ليست من ضمن الدول السبع التي قرر ترمب حظر دخول رعاياها إلى أميركا؟.
لم يستمر جدلهم طويلا حتى أتاهم الرد كصفعة من قبل وزير الأمن الداخلي الأميركي جون كيلي الذي قال أمام الكونجرس إنه لن يتم وضع السعودية ضمن قائمة الحظر لأنها دولة قوية أمنيا، ولديها استخبارات وقوات أمن قوية. ونثق في التعاون الأمني معها بحيث نعرف من يأتي إلينا.
لم يستوعبوا الصفعة الأولى حتى أتتهم الصفعة التالية بتكريم وكالة الاستخبارات الأميركية لولي العهد الأمير محمد بن نايف، لجهوده في مكافحة الإرهاب، ورغم التثمين الذي يحمله اعتراف الولايات المتحدة عبر أعلى السلطات الأمنية لديها خلال شهر واحد بأن المملكة العربية السعودية قوية أمنيا واستخباراتيا، وأنها متفوقة في مجال مكافحة الإرهاب، إلا أننا كسعوديين لسنا بحاجة إلى اعترافات دولية للرد على الإعلام المرتزق، فإنجازات المملكة العربية السعودية في مجال مكافحة الإرهاب لا تحجب بغربال.