الإسقاط طبقا لمفاهيم التحليل النفسي هو حيلة دفاعية يلجأ إليها الفرد الفاشل، بإلصاق ما في داخله من سلوك أو صفات أو رغبات أو مشاعر أو دوافع أو اتجاهات أو أفكار إلى غيره من الناس. وينطبق على ذلك قول الشاعر: “إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه، وصدق ما كان يعتاده من توهم”. ولكن لماذا وكيف؟

يحدث ذلك في الواقع، لأن هذه الحيلة تجعل الشخص المريض مرتاحا نفسيا، وتخفف عنه وطأة شعور الإحساس بالنقص والدونية، فهو عندما ينظر لنفسه ويجدها أقل شأنا من الآخرين، وكذلك شعوره بأنه دون المستوى، يضطر إلى البحث عن الإسقاط على الآخرين، وعندها يتولد له شعور الإحساس بأنه أفضل منهم. ويعتقد بأنه نقي من شوائب ذاته وأزال الصدأ المتراكم عليها، وبعد ذلك يبدأ بتصديق ذاته وأفكاره. وهو هنا يترجم الموقف وفق أهوائه ورغباته لما تبرره له أحاسيسه الداخلية بعيدا عن حقيقة أرض الواقع، وهي إحدى الصور التعويضية الفاشلة والنابعة من الشعور بعيب ما، ورغبة منه في خلعها والتخلص منها، يقوم بإسقاطها على الآخرين حتى لا يتضاعف إحساسه بالفشل، مع تيقن ثبوت وجوده في داخله.

ليس عيبا أن يكون الشخص قد فشل في بعض أعماله، لأنه ربما أن العمل الذي كلف به كان أكبر من قدراته، ولكن العيب هو أن يسقط فشله على غيره، ويحاول الإساءة لهم، للبحث عن إرضاء من حوله، ولعله يستطيع أن يغطي إخفاقاته! فإذا كانت هذه العيوب تضره هو فقط دون سواه فالأمر هين! ولكن المشكلة تكمن في نقله لما يعانيه من ظروف نفسية أو بما يسمى “حالة الاضطراب النفسي”، إلى داخل المجتمع لأنه يبحث عمن يشاركه عقدته، وهنا يجب أن نعرف أن الإسقاط النفسي يعتبر سهل المعالجة في مراحله الأولى من المصاب نفسه، فهو يستطيع أن يتجاوزه بسلام إن كانت الظروف المحيطة به تساعده، وإن كانت لديه قناعة داخلية بأن فرض الاحترام وكسب الآخرين يأتي مما يقدمه من عمل، وما يحمله من فكر ومنطق، لا من محاولة الإنقاص والإسقاط على الآخرين! وعليه أن يتجنب الأشخاص السلبيين الذين يحاولون جذبه للأسفل، ولكن إذا وصل المصاب بهذا المرض إلى مراحل متقدمة فإنه يحتاج إلى علاج وعرضه على الطب النفسي.