أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور خالد الغامدي، أن مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم، وعصيان أوامره، أوسع أبواب الفشل والهزيمة والهلاك العام، وظهور الفساد في البر والبحر، وأن ألطف سنن الله وأدقها أن التغيير إلى الخير أو الشر لا يحصل إلا إذا ابتدأ به العبد نفسه، فالبشر هم المسؤولون ابتداء عن الصلاح والإصلاح، وهم المسؤولون كذلك عن الفساد والانحطاط.

جاء ذلك في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد الحرام بمكة المكرمة أمس. وقال الغامدي إن هذا الكون الفسيح وما حواه من عظيم صنع الله وبديع آياته، وحكيم أفعاله يسير وفق سنن ربانية وقواعد متقنة لا يحيد عنها ولا يميل، في إحكام وثبات واستقرار لو اختل شيء منها طرفة عين لفسدت السموات والأرض ومن فيهن.


السنن الإلهية


أضاف أن السنن الإلهية التي بثها الله في الكون والأنفس والمجتمعات سنن ثابتة مستقرة مطردة لا تتبدل ولا تتحول، وذلك من أعظم صفاتها، سنن شاملة للعالم كله علوية وسفلية، شاملة لكل شيء في هذا الكون، فربنا سبحانه في كل لحظة وكل يوم هو في شأن، وكل شيء عنده بمقدار «قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا». وأشار الغامدي إلى أن السنن الإلهية في الأنفس والآفاق والمجتمعات كثيرة ومتنوعة بتنوع متعلقاتها، فهناك سنن كونية طبيعية وسنن اجتماعية، وسنن حضارية اقتصادية، وسنن تاريخية، وسنن الاستخلاف والتمكين.

 





العيشة الحسنة


بين الشيخ الغامدي أن هذه السنن الربانية منها ما هو عام يمكن لكل البشرية أن يستفيدوا منها، وهي ليست حكرا على أحد، وقد يفتح الله على البشرية في زمن معرفة السنن ما لم يفهمه من كان قبلهم، موضحا أن هذه السنن الربانية العامة هي الأكثر عددا والأوسع مساحة في التاريخ البشري، كالسنن النفسية والآفاقية، والسنن المتعلقة بالكون وجريان أموره وأحواله على وفق تدبير الله، وتعاقب الليل والنهار وسير الشمس والقمر وسنن الخلق والاجتماع والإنشاء والبناء والعمران والحضارات والاستفادة من خيرات الأرض ومفاتيح عمارتها في التقييم العلمي والحضاري، فكلما أحسنت البشرية فقه هذه السنن الربانية العامة وأتقنت التعامل معها، عاشت عيشة حسنة وهنئت في حياتها هناء لا نظير له.

 


حقوق الله والعباد


في المدينة المنورة، حذر إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور علي الحذيفي، من تضييع العبد للحقوق الواجبة عليه تجاه ربه، وتجاه الخلق، مبينا أن أداء الحقوق الواجبة على العبد، نفعها في أول الأمر وآخره يعود إلى المكلف بالثواب في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى «فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ»، وقوله عز وجل «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا». وبين الحذيفي في خطبة الجمعة، أن التقصير في بعض الحقوق الواجبة على المكلف أو تضييعها وتركها بالكلية، يعود ضرره وعقوبته على الإنسان المضيع للحقوق المشروعة في الدين، لأنه إن ضيع حقوق رب العالمين، فما ضر إلا نفسه في الدنيا والآخرة، والله غني عن العالمين، لقوله تعالى «إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ».

وأوضح الشيخ الحذيفي أن حق الرب، الذي يجب حفظه هو التوحيد، إذ وعد الله عليه أعظم الثواب. وأكد أن أعظم الحقوق بعد حق الله، ورسوله صلى الله عليه وسلم، حقوق الوالدين، ولعظم حقهما قرن الله حقه بحقهما فقال عز وجل «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا»، وقوله جل وعلا «وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ».

 


عقوق الوالدين


أوضح إمام وخطيب المسجد النبوي أن كثرة عقوق الوالدين أحد أشراط الساعة، ومن أعظم العقوق للوالدين تحويلهما أو تحويل أحدهما إلى دار المسنين، وإخراجهما من رعاية الولد والعياذ بالله، وهذه ليست من أخلاق الإسلام، ولا من كرم الأخلاق، ومن أعظم العقوق الاعتداء على الوالدين بالضرب والشتم والحرمان، إذ جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «إن ريح الجنة يوجد ريحها من مسيرة خمسمائة عام، ولا يجد ريحها عاق»، رواه الطبراني.