أجمع متحدثون في فعالية عربية نظمها مجلس ألمع الثقافي مساء أول من أمس، على أن الوسط الثقافي العربي بعمومه يعاني مشكلات كثيرة، منها الانتماءات الضيقة، وازدواجية المعايير، وادعاء التعددية، مع ممارسة قمع الآراء المخالفة، إضافة إلى التبعية دون وعي. وكانت الأمسية التي جاءت تحت عنوان «ليلة عربية»، استضافها المجلس في مقره بقرية «رجال التراثية»، وأدارها عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد الدكتور عبدالله حامد، وحفلت بـ3 أوراق قدها أعضاء هيئة التدريس بالجامعة: الدكتور عبدالواسع الحميري «اليمن»، ومحمد الكحلاوي «تونس»، وجمال عطا «مصر».
صراعات نخب اليمن
يؤكد الدكتور عبدالواسع الحميري، أن «ثقافة النخبة» أسهمت في صناعة الواقع اليوم، وتتمثل في تلك الوجوه التي صورت أنها تمارس التعددية وهي تمارس القمع «حسب رأيه».
مضيفا، حال النخبة في اليمن لا يختلف عن غيره في العالم العربي، فهناك مثقف منتم لحزب أو قبيلة مستلب الرأي.
قال «المثقف اللامنتمي نادر ومهمش يعيش كالبعير الأجرب، لكن المثقف المنتمي مسخر ويطارد المستقبل» مشيرا إلى أن خطاب النخبة الثقافية «موظف في خدمة السياسي والديني»، ومؤكدا أن «الشعب تخلّف بتخلّف النخبة السياسية». ورأى الحميري أن «النخبة» تمارس النظر من العالي في عالم موهوم لا علاقة له بالواقع.
وعن مشكلات العقل العربي قال الحميري، «من أخطر ما أصيب به العقل العربي ثقافة الذاكرة بدلا من ثقافة الواقع». وأضاف «النخب تحولت إلى كتل صماء تتصارع، فأوصلت اليمن إلى ما هو عليه الآن، بسبب استدعاء الديمقراطية التي تحولت إلى سلاح في مواجهة الآخر، وجعلها وسيلة من وسائل تجارته».
ظلم الثقافة التونسية
يرى الدكتور محمد الكحلاوي، أن «هناك ثقافة أرستقراطية لا تعترف بأدب الشباب»، وتحدث عن أبرز التحديات التي تواجهها الثقافة في تونس قائلا، «اللهجة التونسية والمغربية عموما غير مفهومه بشكل جيد، لذا ظلم كثير من الأدباء التونسيين الجيدين الذين وظفوا اللهجة التونسية في أعمالهم، مثل علي الدوعاجي الذي جدد في القصة التونسية لكنه لم ينتشر بسبب استعماله اللهجة الدارجة في الكتابة، بعكس اللهجة الخليجية التي أسهم محمد عبده وطلال مداح خلال الغناء في نشرها».
وأضاف «في تونس يظهر جيل جديد يقرأ الثقافة قراءة عصرية وينتجها، إذ اتجه التحديث في تونس إلى العقلانية». لكن الكحلاوي يعتقد أن الرواية التونسية لم توفق في الحضور العربي ولا الروائيون التونسيون، حتى فاز شكري المبخوت بجائزة البوكر العربية، إضافة إلى فوز المنصف الوهايبي بجائزة عكاظ في الشعر.
تراجع مصري
يلخص الدكتور جمال عطا بعض مشكلات الثقافة في مصر في سيطرة «مفهوم التبعية الذهنية وهي أن تكون تابعا لغيرك».
وقال «بعد مجيء محمد علي حدث أن المثقف المصري لم ينتج ثقافة، بل أخذ يبحث عما يمس الحياة المعاشة. النقد في مصر غالبا لم يقدم جديدا، لكن هناك بعض من قدم جديدا كمجلة فصول التي قدمت المناهج الحديثة «البنوية، التفكيكية، وغيرها» لكنها لم تسهم في إنتاج نصوص جديدة، إذ تبنى بعض النقاد نظريات نقدية أوروبية وتطبيقها بشكل تقليدي على أعمال تراثية.
وختم «الثقافة المصرية قدمت الكثير للعالم العربي، لكنها تراجعت قليلا في الآونة الأخيرة».