يقول لنا سمو الأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد، ما قبل البارحة، إن إحدى القصص الجميلة من ثمار هذه الحرب كانت طلبات أهالي نجران الكرام بالمشاركة على الجبهات المختلفة، ومن شباب إلى كهول تجاوزوا السبعين، وكنا نقاوم هذه الرغبة أولا بالشكر وثانيا بالتأكيد على أن القطاعات العسكرية المختلفة تؤدي أدوارها المختلفة بكل كفاءة وأكثر من هذا، والحديث لسمو الأمير: نحن نريد للحياة المدنية أن تبقى وأن تستمر، لأن الحياة المدنية للمواطن السعودي في نجران أو في غيرها هي أحد أهداف هذه الحرب، ولن تسمح المملكة بأي مساس بتفاصيل حياته اليومية. ومن الخطأ في أمانة الواقع ونقلها أن نقول إن نجران تبدو طبيعية جدا ولم تتأثر حياتها بأي شيء من تبعات ما يحدث، نجران وكما قال أميرها ليست في مدى الصواريخ، ولكنها في مدى مدفعية الهاون، وفي بعض الأماكن تصل حتى طلقة البندقية، هذا هو قدرها الجيوسياسي.

وكما قال لي الصديق الأثير صالح بن سدران فقد تكيف المواطن في نجران مع هذا الوضع، ولم يعد الأمر كما كان في بداية هذه الحرب، ولهذا لن تخفى على عينيّ مناظر الزحام وحياة الشباب الصاخب في كل ركن من هذه المدينة.

أهلها يحملون هاجس التعليم الذي تأثرت به هذه المدينة إلى حد لافت، وخذ من الأمثلة ذلك الشاب الذي قال لي بالأمس: هم يطالبوننا باختبارات القياس والتحصيلي والقدرات دون أن نذهب للمدرسة، هذا حيف يجب أن نجد لرفعه الحلول.

أهل نجران يطلبون مثلا إعادة فتح المطار، وهنا لست بالخبير العسكري لأفتي في المسألة، ولكن للحق سألت أن أماكن بعض المنشآت التنموية في هذه المدينة كان اختيارها خاطئا، ولن أنسى ما قاله الأمير مشعل بن سعود ذات اتصال قديم من أنه كان مصرّا على بناء المطار والجامعة والمستشفيات على مسافة بعيدة معقولة شمال نجران، ولكن ضغط بعض الأصوات كان الحاسم عند صناع القرار التنموي ذات زمن. ليتنا استمعنا لسموه في ذلك الوقت.

الخلاصة أن نجران تدفع ثمنا في بعض مناحي حياتها الاجتماعية والاقتصادية، ولكن هذا قدر هذه المدينة. وأثق تماما أن ولاة الأمر يقدرون هذه التضحية، وأنهم سيعطونها المكافأة التنموية مضاعفة كما هي تستحق عندما تنتهي هذه الأزمة الطارئة.