أظن لو استطاعت من أوكل لها الأمر والنهي، والحل والعقد، في بعض جامعاتنا لن تتوانى مطلقا عن فرض وصايتها على الطالبات، حتى بعد خروجهن من أسوار الجامعة!

ربما لو كان بوسعها لطلبت تقريرا تحضره معها الطالبة صباحا، يتضمن استجوابا لما فعلته في اليوم السابق منذ لحظة خروجها من الجامعة: أي الشوارع سلكتِ.. متى دخلتِ المنزل.. ماذا أكلتِ.. ما الاتصالات التي أجريتها.. هل خرجتِ من المنزل ليلا.. متى ذهبتِ إلى السرير!

بل لا أستبعد: ما الأحلام التي شاهدتِ أثناء نومك.. وهل لها علاقة بواقعك؟!

نحن لا نبتكر شيئا، ولا نؤلف لكم روايات للتسلية، بالأمس القريب تنفي إحدى الجامعات علاقتها بقرار وكيلة إحدى كليات الجامعة.. يتضمن تعليمات غريبة -قد لا تطبقها إدارات السجون- نحو: لا يحق للطالبة أن تخرج مع زميلتها، ولا يحق لها الخروج بنقل خاص إلا بعد موافقة ولي أمرها، وتوقيعه، وختم العمدة!

الجميل أن الجامعة سارعت فورا لإخلاء مسؤوليتها، واعتبرت القرار اجتهادا مخالفا لأنظمتها، وأنها أوقفت التعامل به!

يشهد موضوع خروج الطالبة من بعض الجامعات تعقيدات عجيبة، ستندرج يوما ما ضمن الغرائب والعجائب.. نحو طلب صورة شخصية للسائق.. ونوع السيارة، ورقمها، وإقامة السائق للمطابقة، وغيرها!

هناك من يريد -قولا وعملا- فرض وصايته على الطالبات حتى بعد تجاوزها بوابة الجامعة!

حينما تكون الطالبة خارج أسوار الجامعة.. لا شأن للجامعة بها.. ولا تقع تحت مسؤوليتها، هذا دور جهات أخرى -وعلى رأسها أسرة الطالبة وولي أمرها-، وليس من المعقول ولا المقبول أن نُحيل الجامعة إلى معتقل كبير لا تخرج منه الطالبة إلا في وقت محدد، وبعد شروط، واشتراطات، وتوقيعات وتعقيدات ما سبقنا بها أحد!

الجامعات لها رسالة واضحة، وترك الحل والعقد بيد إنسان يقدم سوء النية على صفائها لا يجوز، ولا يُسكت عنه.