أكدت وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة، آنا بالاسيو، خلال مقال خاص نشره موقع «بروجيكت سيندكيت» للدراسات، أن الاتحاد الأوروبي يتجه لمزيد من خسارة أثمن مبادئه التي حافظ عليها لعقود وهي السلام والازدهار، وحرية التنقل، وقيم التسامح والانفتاح وغيرها، داعية المفكرين وصناع القرار إلى بذل مزيد من العمل والجهود لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. وأرجعت سبب تآكل الاتحاد الأوروبي وذهاب وحدته، إلى خروج بريطانيا منه، ثم صعود الرئيس الأميركي، دونالد ترمب إلى سدة الحكم، حيث أظهر الأخير سياسة مختلفة عن سابقيه الداعمين لقيم وسياسة الاتحاد وحلف شمال الأطلسي «ناتو»، لافتة إلى أن ترك أميركا للاتحاد يمكن أن يهدد أمن أوروبا واستقرارها. وأوضحت أن بعض المحللين يرفضون تهويل ما يتردد عن تخلي واشنطن عن الاتحاد الأوروبي، خصوصا أن كثيرا من الساسة الأوروبيين يعولون على علاقة وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، ووزير الخارجية، ريكس تيلرسون، إزاء العلاقات الأميركية الخارجية، لافتة إلى أن ترمب سيكون محكوما بدوائر مقربة منه في فترة حكمه، ترسم له سياسة إدارته الخارجية.
استرضاء ترمب
تطرقت بالاسيو إلى النهج الأميركي المتجاهل للاتحاد منذ عهد باراك أوباما، ليكمله ترمب ويمدح خروج بريطانيا من هذا الاتحاد، وينتقد حلف الناتو، لافتة إلى أن أوروبا عالقة بين فكي روسيا والولايات المتحدة، داعية إلى ضرورة استرضاء ترمب وعدم المجازفة بإبداء سياسات معارضة له. قالت بالاسيو إن شخصية ترمب مزاجية ومتقلبة إلى حد بعيد، وهو الأمر الذي يدفع إلى البحث عن حليف آخر أقوى وقادر على مواصلة دعمه للاتحاد، وهي الصين مثلا، التي باتت تروج لمفهوم العولمة بشكل متزايد خلال السنوات الماضية، إلا أن أوروبا يجب ألا تنخدع أيضا بسياسة الترويج الاقتصادي للأخيرة، وغياب الأهداف المشتركة طويلة المدى، في وقت لم تنفع فيه سياسة السوق الأوروبية المشتركة لحماية دول الاتحاد تجاه التهديدات التي تواجهها.
الاستدارة نحو آسيا
أوضح المقال أن الخيار الأخير المضمون لدول الاتحاد الأوروبي هو الاعتماد على الذات وتقرير المصير، إذ إنه لن يتسنى للاتحاد أن يعيد هيبته على الصعيد الدولي إلا من خلال طرح أفكاره ومواقفه الخاصة بشكل جريء، وعدم انتظار موافقة القوى الأخرى، ودعا الساسة إلى فتح آفاق جديدة مع اليابان، والتفاوض على استثمارات جديدة مع الصين، وتحديث الاتفاقية العالمية بين الاتحاد الأوروبي والمكسيك، وحمل لواء الريادة العالمية في مجال الإصلاح الضريبي، إضافة إلى الاعتماد على الذات وزيادة الإنفاق العسكري على المجالات الدفاعية. وخلصت بالاسيو إلى أن سياسة التصدي للمهاجرين لا يمكنها أن تنجح إذا لم يتم التفريق بين المستثمرين واللاجئين، وتعزيز الرقابة على الحدود، وتعزيز التعاون مع بلدان جديدة، داعية للعودة إلى قيم الاتحاد التقليدية الضامنة لحقوق الإنسان وسيادة القانون.