أخي الغالي، ساكن ما كان يلقب باليمن السعيد: تحية ثم أما بعد.
ينتابني شعور مختلف وأنا أكتب إليك رسالتي لهذا الصباح، وذاك لسبب بسيط لأنني أستحيي أن أقول إنني أكتب من الجبهة، ومن حدود خط النار، فلم يكن بشيء من خيالاتي أن يكون بيننا على مدار التاريخ حرف واحد من هذه المصطلحات.
أنا وأنت جذر العروبة الأصيل، وأنت وأنا، وربما لوحدنا شكل هذه الصحراء وجلود هذه الجبال، ومن العار أن نختلف.
سأكتب لك أيها الشقيق الغالي ما يلي: مساء البارحة بالتحديد، أعدت سماع النشيد الوطني اليمني بضع مرات، وسأقول لك إنني أكاد أجزم بأنه على قمة أعلى أناشيد الأمم في معانيه المدهشة ولحنه الطربي وأيضا في مسحة الحزن التي أتت لهذا النشيد لتعكس تاريخ شعب.
أخي الغالي هل أذكرك بشيء منه:
عشت إيماني وحبي أُمميا
ومسيري فوق دربي عربياً
وسيبقى نبض قلبي يمنياً
لن ترى الدنيا على أرضي وصياً
ويؤسفني في هذه الرسالة القصيرة إليك البوح بأن فرقة مارقة لا يكاد لها نسبة أو وجود في التكوين اليمني الأصيل قد اختطفت كل كلمة من هذا النشيد الأبدي الخالد، وحين يقبل جذر العرق العربي بالوصاية الفارسية الصفوية، فمن سيبقى لعزة بقية الأوراق القادمة من صلب هذا الجذر؟ ومن هو الذي من بعدك سيظل الأنموذج؟ يؤسفني أن يكون من بعض هذا الإنسان اليمني من يصادر الإيمان ومسيرة ذات الدرب ونبض القلب، فماذا ستقول أيها الشقيق لملايين الأطفال حين يرددون هذا النشيد الوطني الأسطوري كل صباح في فناء المدرسة. ما الذي تبقى من تراتيل هذا النشيد؟ وما هي الأمة التي تسمح لشلة بأن تختطف البيت الخالد الأخير في نهاية العزف الخلاق لأبياته؟
أكتب إليك، وللأسف الشديد من الجبهة، ولك أن تعلم أنني كنت أول كاتب سعودي يطالب بوقف هذه الحرب ولمرتين، وكلا المرتين شفقة عليك لأن الوصي الذي أجبرنا عليها يحاول أن يختطفك من العرق والدرب والنبض اليمني العربي. هو من سرق أحلام هذا النشيد مثلما هو أول من يعرف جيدا أنه أمام معركة خاسرة ومحسومة، وقد لا يبالي ولا يأبه طالما كان غيره يدفع ثمن الدماء والأرواح.
عد أخي اليمني إلى نشيدك الوطني فالشعوب الأصيلة لا تقبل الوصاية ولا تبيع كلمات نشيدها الوطني.