بعد انتهاء الحرب الكورية عام 1953 انصدم أطباء العالم مما رأوه من نتائج التشريح الذي أجري على الجنود الأميركيين، حيث اكتشفوا أن قلوب الجنود الصغار كانت تحوي رواسب دهنية توجد في نفس المكان الذي تتواجد به عند مرضى القلب والأوعية الدموية البالغين منتصف العمر.

وقال تقرير نشرته مجلة «فوربس» الأميركية، إن الحكومة الأميركية في ذلك الوقت فشلت في الحصول على نتائج لتقديم إرشاد غذائي لمواطنيها، لأنها لم تبحث الأمر، بل رجع العلماء إلى نظرية روسية قديمة تقول إن الكوليسترول هو السبب في إتلاف الأوعية الدموية، وحتى اليوم لا تزال هذه النظرية صامدة، إذ ينصح الأطباء بعلاجات مضادة للكوليسترول.

في هذا البحث، ذهبت المجلة إلى أن كثيرا من السياسات الخاطئة أسهمت بشكل كبير في قلب نظام الهرم الغذائي الصحي الذي نشرته وزارة الزراعة الأميركية عام 1992 وإن كان المجلس الوطني السويدي للصحة والرعاية الاجتماعية كان قد أصدر هرما مشابها قبل 20 عاما من ذلك التاريخ.


دراسة السبع دول

منذ أن بدأ الفيسولوجي الأميركي أنسيل كيز دراسته الشهيرة «دراسة السبع دول» عام 1956 وربط فيها بين النظام الغذائي ومشاكل القلب، كان المسؤولون الحكوميون بطيئي الحركة لعمل شيء ما حيال ذلك. فلا تزال أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الرئيسي للوفاة في العالم، وعلى الرغم من أهمية الصحة العالمية إلا أن مجالات التغذية كافحت لفترة طويلة وما زالت تكافح مع التخصصات المنافسة في الطب لجذب الممول الأفضل والأذكى لتمويل بحوثها.


عقبات منهجية

يؤكد التقرير أن هناك عقبات منهجية مستمرة تمنع نجاح العمل على دراسات حول الأطعمة، منها خسائر الشركات على هذه الدراسات، فتحول الأمر لدى العلماء إلى تفضيل دراسات التعرض، وهي دراسة مراقبة تتضمن مجموعتين إحداهما معرضة لعامل خطورة والأخرى غير معرضة، وبعد ذلك التقسيم تتم متابعة المجموعتين لفترة زمنية معينة ومن ثم مقارنة النتائج. وتندرج هذه الدراسة تحت نوع الدراسات المستقبلية.

وتعد الدراسة حسب التقرير، الأفضل لإقناع السلطات، حيث تتم مراقبة صحة السكان بصفة خاصة لفترة طويلة ثم تسجل اختياراتهم لنمط تغذية محدد، وكيف يتصرفون في نهاية المطاف ومدى التأثير عليهم.

اعتماد مثل هذه الدراسات المكلفة والقليلة ترك السياسات عرضة للانتقاد من الأكاديميين الآخرين ومنتجي المواد الغذائية على حد سواء، كما نقل دراسات التغذية من أرض هشة في الأساس إلى أرض أقل هشاشة.





سياسة الأهرامات واللوحات

وسط هذا الجدل المستمر لا عجب أن صناع القرار لديهم صعوبة في ترجمة نتائج البحوث المعقدة إلى مجموعة مبادئ توجيهية موثوقة، حيث يكون بإمكان العامة أن يفهموها بسهولة ويعملوا عليها.

يقول التقرير إن المصالح الاقتصادية الخاصة تدخلت في الطريقة التي صمم عليها الهرم الغذائي، بل حتى البحوث الغذائية، وهذا يعني المصالح تتعارض تماما مع توصيات دقيقة لمنع السمنة والأمراض المزمنة وتسوس الأسنان في العالم بأسره، كما أن البصمة السياسية التي وضعت على هذا الهرم لم يتم محوها، بل إنه في العام الماضي أصبح ظاهرا للملأ أنه لمدة عقود من الزمن كانت الشركات المصنعة للسكر تدفع بشكل منتظم للباحثين لتوجيه المراجعات العلمية في مجال البحوث الغذائية في صالحها، وهذه الممارسة شبيهة بالإستراتيجية القديمة لشركات التبغ.