بالتأكيد للفتوى أهلها، وليس الإفتاء مساحة مُشاعة لكل من هب ودب على هذه البسيطة، مهما كان هذا الذي يهب ويدب، ومهما كانت قيمته الاجتماعية، أو مركزه المرموق، أو حجم أتباعه ومريديه وجمهوره.

التصريح الذي تداولته وسائل ومواقع التواصل الاجتماعي في الأيام السابقة للفنان محمد عبده، وكانت قد نشرته صحيفة عكاظ، كان تصريحا في غاية الاستفزاز، لشريحة واسعة من الناس.

هكذا وبكل بساطة وتسطيح وصفاقة، يرى فنان العرب أن شعر القلطة حرام في ذاته، وحرام في ممارسته، بل ويرى أنه من الخطأ الكبير ممارسة هذا اللون الشعري على مسرح المفتاحة بأبها، وأنه وفق ما يوحيه كلامه، كانت القلطة سببا في تشويه فعاليات وتاريخ هذا المسرح الجنوبي الأنيق.

تعالوا نعدّ غلطات هذا التصريح الجدلي، ونقول:

أولاً: من الجهل الفادح أن يتصدى محمد عبده لمسألة الفتوى والحلال والحرام، بكل هذه البساطة والأريحية التي يُحسد عليها، في أمور حولها خلاف، وإن كان الشعر في أصله حلالا، ومع هذا فإن هناك جهة رسمية مخولة في مسائل الإفتاء.

ثانياً: الذي وضع اللبنة الأولى في مسرح المفتاحة، هو الأمير المثقف خالد الفيصل، وقد كانت رؤيته لهذا المسرح غير منغلقة على الحفلات الغنائية، إذ أراده مسرحا لكل الفنون، وهذا عكس كلام عبده، الذي يطالب بأن يكون مسرح المفتاحة للغناء فقط.

ثالثاً: إن فن القلطة الشعري هو فن عريق ومتجذر في تكوين المجتمع، وجزء مهم من ذاكرة الناس، ولا يمكن مسحه أو تقليص مساحته حتى، بسبب أنه زاحم فنونا أخرى، وتفوّق عليها جماهيريا.