لقد أحدثت الصداقة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، منذ فترة طويلة، حيرة وقلقا في الغرب، بل أكثر إثارة للقلق.
ففي نهاية هذا الأسبوع، رفض ترمب الرد على سؤال مقدم برامج قناة فوكس نيوز، بيل أوريلي، حول السبب في أنه يحترم رئيسا "قاتلا" مثل بوتين.
ولدى محاولة أوريلي الضغط على الرئيس ترمب ليشرح باستفاضة لماذا يحترم نظيره الروسي، قال ترمب إن "القتلة كثر ونحن لدينا كثير منهم أيضا".
وأضاف، أنه يحترم بوتين، مشيرا إلى أنه زعيم لبلاده، "وإن روسيا شريك مهم في الحرب ضد الإرهاب، ومن الأفضل أن نكون بجانبها من عدمه".
وتأكيد التفوق المعنوي والسياسي للولايات المتحدة على روسيا مسألة تقليدية، لم تكن مناورة صعبة على الرؤساء الأميركيين، ولكن بدلا من تأييد الاستثنائية الأميركية، بدا ترمب وكأنه يحترم وحشية بوتين الذي انضمّ إلى قصف المدنيين في سورية، والمتهم بقتل كثير من المعارضين السياسيين والصحفيين في الداخل، واقتراحه لأميركا بأن تتصرف بالطريقة نفسها.
ليس من شك في أن الولايات المتحدة ارتكبت أخطاء فظيعة، مثل غزو العراق عام 2003، وتعذيب المشتبه في صلتهم بالإرهاب بعد اعتداء 11 سبتمبر، واستخدامها الطائرات بدون طيار لشن هجمات ضد المتشددين في أفغانستان وباكستان، على سبيل المثال، مما أدى إلى قتل المدنيين في كثير من الأحيان.
ولكن ليس هناك أي رئيس أميركي فعل ما فعله بوتين لإسكات وسائل الإعلام المستقلة جميعها تقريبا، وسحقه المعارضة، وغزوه أوكرانيا، وتدخله في الانتخابات الأميركية -على ما يبدو نيابة عن ترمب- ومحاولته زعزعة استقرار أوروبا.
وفي العقود الأخيرة، أجرى الرؤساء الأميركيون أعمالا عسكرية رغبة في تعزيز الحرية والديمقراطية، كانت نتائجها عكسية في كثير من الأحيان، وعندما تطورت ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية تحولا من عدوّيْن مهزوميْن إلى حليفين موثوق بهما.
أظهر ترمب منذ توليه منصبه، قليلا من الدعم تجاه أدوار أميركية تقليدية باعتبارها بطلا للقيم العالمية، مثل حرية الصحافة والتسامح.
وفي الواقع، عمل ترمب على خفض ركود بوتين، فقد ضرب الحلفاء ووضع أساس حملة عدوانية قد تؤدي إلى حرب مع إيران.
لقد شجع تودد ترمب تجاه الزعيم الروسي، وسياسة إدارته المربكة، كلا الجانبين في أوكرانيا على تجديد الصراع في الأسبوع الماضي، بين الأوكرانيين العسكريين والانفصاليين الذين تدعمهم روسيا. من جانبها، اتهمت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، نيكي هالي، روسيا بتصعيد القتال، وكانت قد قالت في وقت سابق، إن العقوبات المفروضة على روسيا بسبب ضمها "القرم" عام 2014، وغزوها شرق أوكرانيا ستظل باقية في مكانها.
في السبت الماضي، أجرى ترمب محادثة عن طريق الهاتف مع الرئيس الأوكراني، أصدر بعدها بيانا لم يدن فيه روسيا، بل قلل من الصراع باعتباره نزاعا حدوديا، ولم يشر إلى عقوبات.
وفي الإثنين الماضي، أعلن زعماء الاتحاد الأوروبي وقوفهم بحزم ضد العدوان الروسي، وتعهدوا بدعم العقوبات.