قال رئيس الوزراء السويدي السابق، كارل بيلدت، في مقال نشره موقع "بروجيكت سيندكيت"، إن العالم بات يحتاج إلى سياسات جديدة، من أجل وقف تزايد السخط الشعبوي، الذي بات يهيمن على العديد من دول العالم، مع صعود الرموز الشعبوية إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة وبعض دول أوروبا. وأوضح بيلدت أنه بالنظر إلى 25 سنة ماضية، يستطيع المرء الاعتقاد بأن الإنسانية حظيت بأفضل ربع قرن على الإطلاق، حيث إن نسبة السكان الفقراء انخفضت منذ عام 1990 من 47% إلى 14%، فيما انخفض معدل الوفيات بين الأطفال إلى النصف، وذلك تزامنا مع ارتفاع أعداد سكان العالم من 2.5 مليار نسمة إلى 7.5 مليارات نسمة الآن. وتطرق الوزير السابق إلى أن الفترة السابقة انخفضت فيها أعداد القتلى في ساحات القتال مقارنة بأي فترة أخرى، حيث كانت مدفوعة بالتقدم في مجال العلوم والتكنولوجيا، وهو الأمر الذي ساهم في زيادة التفاعل الاقتصادي من خلال التجارة والاستثمار، مؤكدا أن العولمة كانت تعتبر القوة المنفردة الأكثر أهمية وراء عقود من التقدم.



اتهامات باطلة

أوضح بيلدت أن العصر الحالي يتهم التجارة بالتسبب في إغلاق المصانع وتشريد العمال في الدول المتقدمة، إلا أن السبب الحقيقي وراء اختفاء بعض الصناعات القديمة هو التكنولوجيات الجديدة التي عملت على تحسين الإنتاجية وتوسيع ثروات المجتمعات، مشيرا إلى أن عدد المزارعين اليوم أصبح أقل مما كان عليه في العقود الماضية، إضافة إلى إغلاق مصانع القطن والحديد الصلب والمناجم، واتجه العاملون فيها إلى وظائف جديدة ما كان أحد ليتخيلها قبل بضعة عقود. وأشار بيلدت إلى أن الحياة قبل العولمة كانت فقيرة ووحشية لأغلب الناس حول العالم، ورغم إيجابيات العولمة إلا أن مناهضوها باتوا يحشدون الناس للعودة إلى الماضي، مبينا أن السنوات التي أعقبت الأزمة المالية في عام 2008، هي أكثر السنوات التي استغلها مناهضو العولمة لتمرير مشاريعهم. وأكد المقال أن السنوات المقبلة مرجحة لكي تستعيد عافيتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حيث من المتوقع أن تنمو كل اقتصاديات الاتحاد الأوروبي.



نسيان الماضي

أبان بيلدت أن المشكلة العظمى التي ستواجه العالم في السنوات والعقود المقبلة هي مشكلة التميز الطبقي والاجتماعي بين غنى فاحش، وفقر مدقع، حيث إن ضعفاء المجتمع يراودهم حلم العودة للماضي ويمقتون العولمة وفوائدها، وبالتالي فإن الأخيرة مهددة بالتآكل والانقراض من أي وقت مضى، لاسيما وأن الطبقة الغنية ستصبح قادرة على تأمين احتياجاتها، بمنأى عن الفقراء، وهو الأمر الذي لم تركز عليه برامج الأمم المتحدة المستدامة لعام 2030، بقدر ما ركزت على إيجاد الوظائف وتأمين الاحتياجات المالية وغيرها. وخلص المقال إلى أن أكثر من ركز على العولمة في منتدى دافوس الاقتصادي الأخير هو الرئيس الصيني، شي جين بينج، وهو أمر مستغرب بشكل كبير، كون الشيوعيون على مدار التاريخ أرادوا الحفاظ على ثقة العولمة ومحاربة الرأسمالية في نفس الوقت، إلا أن الرأسماليين أنفسهم فقدوا الثقة في العولمة..